غالبًا ما تكون بداية أي عام جديد وما يقترن بها من التخطيط والحماس لبداية جديدة مناسبة مفعمة بالأمل والتحفيز لتحقيق تغييرات جوهرية على المستوى الشخصي أو العائلي أو المهني أو الدراسي. ولا تزال مكتبة قطر الوطنية منذ فتحت أبوابها لاستقبال الجمهور توفر الوجهة المُثلى كقبلة للمعرفة تحتضن أفراد الجمهور الساعين لتطوير أنفسهم ومهاراتهم، مرتكزة في تحقيق رسالتها في نشر المعرفة على ما تقدمه لكافة أفراد المجتمع في قطر من خدمات وفعاليات ومصادر مطبوعة وإلكترونية متنوعة.
في عام 2019، واصلت المكتبة الزخم الذي حققته في عامها الأول الناجح من خلال توسيع الخدمات والبرامج للوصول إلى جميع فئات وشرائح السكان في البلاد. فالنمو المُطرد في أعداد الزائرين والأعضاء الجُدُد يؤكد على الإقبال المجتمعي الكبير واحتفائه البالغ بالمكتبة، وقد رصد التقرير السنوي للمكتبة عن عام 2019 الصادر حديثًا طفرة كبيرة في عدد الأعضاء الجدد، ففي العام الماضي وصل عدد زوار المكتبة إلى أكثر من 762 ألف زائر، وبلغ عدد المسجلين الجدد في عضوية المكتبة 42,854 عضوًا. وكلا الرقمين شاهد على تحول المكتبة إلى وجهة مركزية للأنشطة الإبداعية والتعليمية والاجتماعية.
تتيح المكتبة لأفراد المجتمع باقة واسعة من الاختيارات للاستفادة من مصادر المكتبة القيمة ومرافقها في تحقيق التعلم مدى الحياة وكذلك أهدافهم الشخصية والمهنية، ابتداءً من مئات الآلاف من الكتب بمختلف اللغات حول العديد من الموضوعات والتخصصات، والمعارض الثقافية والتاريخية والتراثية، والمهرجانات الدولية، ونوادي الكتب، والندوات العلمية، والمحاضرات، وانتهاءً بحفلات الموسيقى الكلاسيكية، وغيرها الكثير.
توفر المكتبة المكان الذي يتفاعل فيه الأطفال مع والديهم من خلال القراءة سويًا في فعاليات "وقت القصة" الأسبوعية بالمكتبة، بينما يوفر نادي الواجبات المدرسية للطلاب المكان الذي يحصلون فيه على المساعدة في أداء واجباتهم الدراسية في المواد المختلفة. وتقدم المكتبة للباحثين الدعم العملي في نشر أوراقهم البحثية، ففي عام 2019 تم تمويل 455 ورقة بحثية من خلال برنامج دعم الإتاحة الحرة في المكتبة، ليصل إجمالي عدد الباحثين الذين دعمتهم المكتبة في هذا المجال منذ إطلاق هذا البرنامج إلى 517 باحثًا من 38 مؤسسة قطرية.
ولا يزال رواد المكتبة وأعضاؤها يستفيدون كل يوم من مجموعة المكتبة الهائلة من الأعمال الروائية وغير الروائية وكتب الأطفال واليافعين، فقد استعار الأعضاء أكثر من 780 ألف كتاب في 2019، كما تشهد مجموعات المكتبة توسعات مستمرة بناءً على احتياجات الأعضاء واقتراحات المستخدمين.
وينظم أخصائيو المعلومات في المكتبة لأولياء الأمور والعاملين في مجال التربية ورعاية الأطفال العديد من الورش التدريبية والمحاضرات التوعوية على مدار العام لمساعدتهم في تشجيع أطفالهم، خاصة ذوي الإعاقة، على حب القراءة للتسلية والاستمتاع منذ نعومة أظفارهم، وذلك إدراكًا لحقيقة أن غرس حب التعلم مدى الحياة يبدأ من المنزل ومن الأسرة. وقد أقيمت هذه الفعاليات الموجهة للعائلات والمتعلقة بسلامة الأطفال وصحتهم وتربيتهم وتنمية مهاراتهم وشخصياتهم بالتعاون بين المكتبة ومركز سدرة للطب وأكاديمية قطر لتدريب المربيات، ومركز وفاق للاستشارات العائلية.
وقد تُوِّجت جهود المكتبة في التوعية الدولية في استضافة أول مهرجان دولي للأدب في قطر، وهو مهرجان جايبور الأدبي – الدوحة خلال الفترة من 12 إلى 14 ديسمبر، حيث شارك العشرات من الكتاب والمؤلفين المرموقين عالميًا في النسخة الأولى من مهرجان جايبور الأدبي، وهو أحد أشهر المهرجانات الأدبية على مستوى العالم. وشهد المهرجان مشاركة المئات من الجمهور في قطر في حوارات المهرجان الحافلة بالمعلومات وتبادل الأفكار ووجهات النظر حول قضايا الأدب والفنون.
وتزخر المكتبة بفرص أخرى كثيرة لكي تستمر هذه الحوارات القيمة والغنية بالأفكار في عام 2020 وما بعده. فملتقى مكتبة قطر الوطنية للكُتَّاب القطريين الذي أطلقته المكتبة في 2018 يواصل دوره في تشجيع الكتاب الشباب على الاستفادة من المؤلفين والكتاب القطريين المخضرمين مثل علي بن طوار الكواري، وصالح غريب، وجمال فايز.
وفي إطار دور المكتبة في تشجيع الشباب على دراسة العلوم، يستمر منتدى الكتاب العلمي في إثراء معارف طلاب المدارس في المراحل المتوسطة والثانوية بالندوات والمناقشات الشهرية حول موضوعات مرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا والفلك والاستدامة والفضاء والكون، وقد حضر هذه الندوات والمناقشات حتى الآن أكثر من خمسة آلاف مشارك من الطلاب ومعلمي المدارس والمتخصصين في المصادر التعليمية وأولياءالأمور والمهتمين بالموضوعات والقضايا العلمية.
وكما تمهد المكتبة الطريق للمستقبل، فإنها أيضًا تقدم بوابة نطل من خلالها على روعة الماضي وأمجاده وعراقته؛ فقد نظمت المكتبة العديد من المعارض، بما في ذلك المعرض الحالي "قطر والهند والخليج: التاريخ والثقافة والمجتمع"، التي تسلط الضوء على مقتنيات المكتبة التراثية من مخطوطات ووثائق ومؤلفات قديمة بالإضافة إلى مقتنيات المؤسسات الأخرى المتعاونة لسرد قصة ماضي قطر وعلاقاتها بالدول المختلفة حول العالم.
وحول خطط المكتبة للعام الجديد، تقول السيدة عبير الكواري، مدير شؤون البحوث وخدمات التعلم في المكتبة: "سنواصل في عام 2020 ما حققناه من إنجازات رائعة في العام الماضي، الذي شهد لمعان نجم المكتبة كمنارة للتثقيف ونشر المعرفة في قطر. لقد كانت بداية العام الجديد فرصة لنا للتفكر في وقت مضى وتحديد مسار العمل للمستقبل، وستظل فعالياتنا وبرامجنا في المكتبة في 2020 تشجع الجميع على تعلم أشياء جديدة وخوض تجارب مختلفة وتحفيزهم لتطوير أنفسهم ومهاراتهم".
وقد استهلت المكتبة العام الجديد بمشاركة ناجحة في معرض الدوحة الدولي للكتاب وافتتحت معرض "بين الشرق والغرب: مكتبة أنجليكا في الدوحة"، كما أعلنت المكتبة عن فعالياتها لشهر مارس التي تتضمن العديد من الورش والمحاضرات والعروض الموسيقية وغير ذلك الكثير مما يلائم جمهورها المتنوع من مختلف الأعمار والاهتمامات والشرائح الاجتماعية.
يمكنكم الاطلاع على التقرير السنوي للمكتبة عن عام 2019 من خلال زيارة الرابط التالي: https://www.qnl.qa/ar/about/annual-report