احتضنت مكتبة قطر الوطنية يومي 1 و2 ديسمبر، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، مؤتمرًا إقليميًا رفيع المستوى تحت شعار "دعم حفظ التراث الوثائقي في العالم العربي".
تأتي استضافة المؤتمر ضمن دور المكتبة كمركز إقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (الإفلا) لصيانة مواد المكتبات والمحافظة عليها للبلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط. ويهدف المؤتمر إلى تعميق الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الزاخر والفريد لدولة قطر والمنطقة العربية بأسرها.
وتجلّت أبرز مخرجات المؤتمر في اتفاق المشاركين على إصدار "إعلان دعم الحفاظ على على التراث الوثائقي في العالم العربي"، وذلك للعمل على كافة الصُعد من أجل الارتقاء بمعايير الحفظ والعناية بالتراث الوثائقي، وفقًا لأفضل الممارسات الإقليمية والعالمية.
واتفق ممثلون عن مؤسسات في الكويت وعمان والسودان والعراق والأردن ولبنان وموريتانيا والمغرب واليمن والجزائر وفلسطين وليبيا وإيران وتونس وقطر على اغتنام الفرص التي توفرها التقنيات الرقمية من أجل دعم إتاحة وحفظ التراث الثري للمنطقة. كما شدد الإعلان على ضرورة توفير أداة قانونية دولية حول الحفظ والإتاحة في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ووضع حد أدنى للمعايير في هذا المجال، وتعزيز التعاون والتبادل المعرفي العابر للحدود.
واستعرض المؤتمر أفضل الممارسات في مجال الحفظ والصيانة، وسلّط الضوء على المبادرات والاستراتيجيات المطبقة على الصُعد الوطنية والإقليمية لحفظ التراث الوثائقي في المنطقة والترويج له. وعلّق السيد دانيلو باديلا، ممثل اليونسكو، نيابة عن السيدة آنا باوليني، مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في دول الخليج واليمن، قائلًا: "في منطقة حافلة بالنزاعات المستمرة، من الضروري تعزيز الجهود الرامية لتجنب اندثار تراثنا وتاريخنا المشترك".
وقالت السيدة كريستين ماكينزي، رئيسة اتحاد الإفلا، خلال المؤتمر: "الثقافة من احتياجات الإنسان الأساسية، وتزدهر المجتمعات بازدهار تراثها الثقافي، وتذبل وتخبو من دونها. لقد كان هذا المؤتمر مناسبة مواتية ومهمة للحديث عن توثيق التراث، وقد تعرفنا من خلال جلساته على العديد من المآسي التي يتعرض لها التراث الوثائقي في الوقت الحالي، ومن هنا تأتي أهمية إقامة مثل هذه المؤتمرات لنحشد جهودنا في الحفاظ على تراثنا الثقافي".
وضمن جلسات المؤتمر، قدمت الدكتورة ندى عيتاني، خبيرة التراث الوثائقي، تقريرًا وتحليلًا لنتائج استطلاع الرأي الذي أجرته المكتبة بالاشتراك مع اليونسكو حول الظروف الحالية للتراث الوثائقي في العالم العربي. وسلّط التحليل الضوء على الحالات التي تدعو للقلق من أجل المساعدة على تكوين صورة للحالة الراهنة للتراث الوثائقي في المنطقة العربية. وتمت الإشارة إلى الكوارث وجاهزية خطط الطوارئ وبناء القدرات بوصفها معضلات رئيسية، بالإضافة إلى قضايا الرقمنة والتخزين. كما ركّزت النقاشات على أهمية تعزيز التنسيق، وتبادل الموارد وأفضل الممارسات بين المؤسسات المختلفة.
وعلّقت الدكتورة سهير وسطاوي، المدير التنفيذي لمكتبة قطر الوطنية، على المؤتمر بقولها: "لقد أصبحت مهام حفظ التراث وصيانته مكونًا أساسيًا من عمليات إدارة الأصول الثمينة في أي مكتبة. والتراث الوثائقي في منطقتنا معرض للخطر لعدة أسباب تتراوح ما بين الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية إلى الظروف المناخية فضلًا عن تقادم المواد التراثية وتدهورها الطبيعي بحكم الزمن. ومهمتنا نحن المؤسسات المعنية بحفظ الذاكرة هي حماية ثروات هذا التراث الإنساني المشترك لكي يصل سالمـًا للأجيال القادمة".
وقال حازم جمجوم، المسؤول عن محتوى الخليج المسموع بمشروع شراكة مؤسسة قطر مع المكتبة البريطانية: "قدرة أي دولة على حفظ تراثها الوطني وإتاحته لأجيال الحاضر والمستقبل بالتأكيد هي جزء من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. وحفظ التراث الوثائقي خطوة مهمة للغاية ضمن حزمة واسعة من الإجراءات الثقافية الضرورية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. معًا يُمكننا تحسين إتاحة المعلومات وكسر الحواجز التي تمنع تبادل المعرفة وحفظها. ومكتبة قطر الرقمية نموذج مثالي لنشر التراث الوثائقي بنظام الإتاحة الحرة الذي يزيل أي عوائق أمام الوصول للمعلومات، فأي شخص في أي مكان لديه اتصال بالإنترنت يستطيع الاطلاع على المعلومات التي تحتويها المنصة".