في إطار جهودها المتواصلة للحفاظ على التراث الوثائقي للمنطقة العربية، تستضيف مكتبة قطر الوطنية "ورشة الدوحة الثانية لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية" التي تؤكد أهمية تكاتف الجهود بين المؤسسات الإقليمية في العالم العربي والشرق الأوسط لتوفير الحماية الكافية للأصول الثقافية التي لا تقدر بثمن.
تهدف الورشة، التي تقام بالشراكة مع الهيئة العامة للجمارك وبالتعاون مع السفارات الأمريكية والإيطالية والفرنسية في قطر، إلى تبادل أفضل الممارسات في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية والتراث الوثائقي.
شهد افتتاح الورشة نخبة من الشخصيات المرموقة على رأسهم سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية؛ وسعادة السيد أحمد بن عبدالله الجمال، رئيس الهيئة العامة للجمارك؛ وسعادة السفير الفرنسي السيد جان باتيست فايفر؛ وسعادة السفير الإيطالي السيد باولو توسكي؛ وسعادة السفير الأمريكي السيد تيمي ديفيس؛ والسيدة هوسوم تان، المدير التنفيذي لمكتبة قطر الوطنية.
خلال الجلسة الافتتاحية، أشار سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري إلى خطورة الاتجار غير المشروع وتهديده للتراث الإنساني قائلًا: "لقد تجاوز الاتجار غير المشروع بالآثار كل الحدود وصار تأثيره يهدد كل الأمم والمجتمعات. ومع أن الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية اليونسكو لعام 1970، واتفاقية اليونيدروا لعام 1995، وقرارات الأمم المتحدة الأخيرة، جميعها توفر إطاراً قانونياً للحماية، علينا أن نعترف بأن هذا الخطر ما زال جاثمًا يتربّص بتاريخنا وثقافتنا وتراثنا الإنساني. ومن هنا يأتي دور هذه الورشة في تسليط الضوء على هذه التحديات وتعزيز التعاون لحفظ تراثنا المشترك".
وحول مشاركة الهيئة العامة للجمارك في الورشة، علّق سعادة السيد أحمد بن عبدالله الجمال، رئيس الهيئة، قائلًا: "تأتي مشاركة الهيئة العامة للجمارك في هذه الورشة للتأكيد على دورها الحيوي وإسهامها في نجاح جهود مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، حيث أصدرت الهيئة أحكامًا تتعلق بوسائل حظر ومنع استيراد وتصدير الممتلكات الثقافية ونقل ملكياتها بطرق غير مشروعة، فضلاً عن الوفاء بالتزامات دولة قطر تجاه الاتفاقيات الدولية والمجتمع الدولي ضمن اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، تضمنت أحكامًا تتعلق بوسائل حظر ومنع استراد وتصدير ونقل ملكيات الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة. وتضع الهيئة العامة للجمارك مكافحة الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي على رأس أولوياتها، فسرقة الممتلكات الثقافية وتهريبها والاتجار غير المشروع بها من الجرائم الخطيرة التي تتم عبر المنافذ الجمركية حيث تبذل هيئات وسلطات الجمارك في دول العالم جهودًا كبيرة لمكافحتها والحد من آثارها السلبية".
ومن جانبه قال سعادة السيد باولو توسكي، سفير الجمهورية الإيطالية لدى الدوحة: "سعدنا بالتعاون مع مكتبة قطر الوطنية والإسهام في تنفيذ مبادرة "حماية" لصون التراث الثقافي وحمايته ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. وإيطاليا واحدة من أنشط الدول على المستويين الوطني والدولي في هذا الصدد بفضل خبرائنا وهيئاتنا مثل قوة شرطة الكارابينيري المعنية بحماية التراث الثقافي. إننا نعتز بهذه الشراكة المثمرة مع مكتبة قطر الوطنية التي تسهم في ترسيخ مكانة الدوحة كوجهة إقليمية للتعاون الدولي حول هذه القضية المهمة لجميع الدول والشعوب".
وحول المشاركة الفرنسية في هذه الورشة، قال سعادة السيد جان باتيست فايفر، سفير الجمهورية الفرنسية في قطر: "فرنسا لديها التزام راسخ وثابت بمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية على مستوى العالم، وهو التزام لا يعرف الحدود؛ ولهذا تحرص فرنسا على التعاون الدولي لأنه ركيزة أساسية في هذا الصدد. ونحن سعداء للغاية بمشاركة خبراء فرنسيين رفيعي المستوى في جلسات هذه الورشة".
وعن المشاركة الأمريكية في الورشة، قال سعادة السيد تيمي ديفيس، سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى قطر: "إن فهم ماضينا ركيزة أساسية بالغة الأهمية لفهم حاضرنا وبناء مستقبل يصون قيمنا وتقاليدنا، وآثار التراث الثقافي هي بوابتنا لفهم تاريخنا. ولهذا السبب، حرصت الولايات المتحدة وقطر ضمن حوارنا الاستراتيجي المشترك على تعزيز تعاوننا المستمر في مجال حماية التراث، ومن أجل ذلك يشارك العديد من ممثلي الوكالات الأمريكية ومؤسسة سميثسونيان في هذه الورشة المهمة التي تستضيفها مكتبة قطر الوطنية".
تهدف هذه النسخة من الورشة إلى استكمال الإنجازات والدروس المستفادة من النسخة الأولى التي أقيمت في سبتمبر الماضي، ويشارك فيها خبراء مرموقون بخلاصة خبراتهم ومعلوماتهم من اليونسكو، والإنتربول، والمنظمة العالمية للجمارك، بالإضافة إلى العديد من الجهات الدولية الأخرى.
جدير بالذكر، أن الورشة قد بدأت في 10 سبتمبر بجلسات مغلقة ومركّزة شارك فيها خبراء على المستويين الإقليمي والدولي. ومع انتقال ورشة العمل إلى الجلسات المفتوحة ابتداءً من اليوم، ستبدأ سلسلة من المحاضرات والعروض التقديمية الزاخرة بالمعلومات والنصائح من خبراء مرموقين يشار لهم بالبنان في تخصصاتهم. ستختتم الورشة فعالياتها في 14 سبتمبر بجلسات تدريبية مصممة خصيصًا لتزويد موظفي الجمارك في قطر والمنطقة بالأدوات والمعرفة الأساسية لحماية الممتلكات الثقافية.