نستضيف في رحاب مكتبة قطر الوطنية ولأول مرة في قطر والعالم العربي مهرجان جايبور الأدبي – الدوحة الذي يبدأ يوم الخميس 12 ديسمبر ويستمر لمدة ثلاثة أيام مُقدِمًا لجمهور قطر والمنطقة مأدبة فكرية ثرية ونافذة كاشفة على آداب العالم وثقافاته المختلفة.
إنني في غاية السعادة بمشاركة المكتبة في أول مهرجان دولي للأدب يقام في قطر، ليؤكد على إيماننا الراسخ بقيمة الحوار كأساس للتقدم، ومكتبة قطر الوطنية في حد ذاتها وبما تنظمه من مؤتمرات ومعارض وأنشطة وفعاليات هي خير تجسيد لهذه القيمة الإنسانية الرفيعة.
يقدم مهرجان جايبور الأدبي - الدوحة فرصًا لا حصر لها لكل ثقافات العالم لكي تلتقي وتتحاور مع بعضها البعض. وطوال أيام المهرجان ستصدح المكتبة بأصوات الأدباء والشعراء والفنانين والمفكرين والمثقفين وتموج بأفكارهم ورؤاهم المتنوعة في تأكيد جديد على أن المكتبات بالفعل كيانات نابضة بالحياة وجسر حقيقي يربط بين الشعوب والثقافات.
مما يؤسف له أن العالم هذه الأيام يضج بالصراعات والتقلبات، وينزف بقصص الألم والمعاناة. لدي قناعة راسخة بأن التعلم من بعضنا البعض هو السبيل الوحيد للتعايش معًا بسلام ووئام. إن أحد الأهداف الرئيسية التي تسعى المكتبة لتحقيقها هي إنشاء بيئة استثنائية للتعلم والاستكشاف، ولعل استضافة مهرجان جايبور الأدبي تشير إلى أننا نبلي بلاءً حسنًا في هذا الصدد. يُسعدني أن أدعو الجميع لزيارة المكتبة وحضور مهرجان جايبور الأدبي من 12 إلى 14 ديسمبر والمشاركة في برنامجه الزاخر من المناقشات والمحاضرات التي تتناول العديد من الموضوعات والأفكار الثرية في مجال الأدب والثقافة بالإضافة إلى ورش عملية حول المهارات المسرحية وسرد القصص بطريقة تفاعلية وغيرها الكثير.
ترتبط أهداف مهرجان جايبور الأدبي ارتباطًا وثيقًا برؤيتنا ودورنا كمكتبة وطنية في دولة قطر، وهو دور لا نقوم به لخدمة سكان قطر فحسب، بل نتجه به أيضًا إلى مجتمع المتعلمين والمثقفين على الصعيدين الإقليمي والدولي على السواء. إننا ندعم روادنا ونقدم لهم باقة واسعة من مصادر المعرفة الورقية والإلكترونية لتلبي احتياجاتهم التعليمية والبحثية والحياتية كل يوم. ومن خلال مهرجان جايبور الأدبي نوفر آفاقًا وإمكانيات جديدة لروادنا لإثراء معارفهم الشخصية والمهنية. نستقبل أثناء مهرجان جايبور الأدبي نخبة مرموقة من الأدباء والمفكرين والمثقفين من جميع أنحاء العالم، وإنني كأخصائية معلومات قطرية أتطلع إلى هذه الفرصة لتقديم مفهوم المكتبات وطبيعة دورها وخدماتها في القرن الحادي والعشرين: وهو أن تكون مركزًا للمعرفة يسهم في تطور المجتمع وتنميته وتقديم حياة أفضل للجميع، وتعزيز التعلم والثقافة وتنوع الأفكار.
إننا في المكتبة نرسي قواعد الأساس التي يرتكز عليها مستقبل قطر الأدبي. فمنتدى الكتاب القطريين، الذي أطلقته المكتبة في عام 2018، على سبيل المثال، يمنح أجيال المستقبل من الكتاب والأدباء الواعدين الفرصة للتعلم من الكتاب القطريين المؤثرين مثل علي بن طوار الكواري وصالح غريب وجمال فايز وحتى ناشرين مثل راضي الهاجري. فهؤلاء المؤلفون والكتاب الراسخون في مجال الأدب والكتابة ستتاح لهم الفرصة لتبادل خبراتهم وتجاربهم الفريدة في كتابة القصص وروايتها في مهرجان جايبور الأدبي الدوحة لتسليط الضوء على إنجازات بلادنا في مجال الأدب، وأهمية هذه الإنجازات وقيمتها في فضاء الثقافة والآداب العربية. وإنني لأطمح وأتطلع لأن يغتنم الكتاب الناشئون تفاعلهم وتواصلهم مع الأدباء البارزين الذين قد يسهمون في التأثير الإيجابي على تطورهم الشخصي وإتقانهم لآليات الكتابة.
في الوقت نفسه، ستتاح الفرصة لزائري مهرجان جايبور الأدبي – الدوحة للتعبير عن إبداعاتهم والانخراط في حوارات أدبية جادة مع كُتّابهم المفضلين. كما أن المهرجان سيقدم حقًا فرصة نادرة للتواصل المباشر مع الكُتّاب الذين ألهموا الملايين عبر أجواء ودية مواتية. إن مهرجان جايبور الأدبي - الدوحة سيضيف إلينا كأفراد، وكمجتمع، فهو سيعمق دورنا كمؤسسة ثقافية تعمل على إطلاق الخيال، وتشجيع الاستكشاف، وصقل الجانب الروحي للإنسان، وفي الوقت نفسه سيكون بمثابة بوتقة تجمعنا بالعديد من الثقافات واللغات والأصوات الفنية المختلفة وتسهل تبادل التأثير والتأثر معها.
المهرجان هو أيضًا وسيلة رائعة للاحتفاء بالعام الثقافي "الهند – قطر 2019" الذي يُسدَل الستار على فعالياته مع قرب انتهاء العام الحالي. تربط بين بلدينا صلات تاريخية وطيدة ممتدة لأكثر من خمسة آلاف عام، وقد أعدنا اكتشاف هذه العلاقات التاريخية التي ربما لا يعرف عنها الكثيرون شيئًا من خلال معرضنا "قطر والهند والخليج". وسيُسهم مهرجان جايبور الأدبي في تعزيز هذه العلاقات وترسيخها بينما نحن نحتفل بالأدب المتعدد اللغات لجنوب آسيا. وقد أعدت المكتبة عددًا من الجلسات على مدار أيام المهرجان لتعميق الحوار المتعدد الثقافات بين الأصوات العديدة المختلفة التي تتبادل سرد حكاياتها فيما بينها.
إنني كقطرية أفخر بمكتبتنا الوطنية، وأشعر كمواطنة عالمية بالامتنان لفرصة التحاور مع الأفراد من الثقافات الأخرى. فهكذا نتعلم، ونزدهر، ونتقدم سويًا.