احتفالاً باليوم الدولي الثالث لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، استضافت مكتبة قطر الوطنية ندوة نقاشية افتراضية رفيعة المستوى حول جهود مكافحة التداول والاتجار غير القانوني بالآثار والتراث الوثائقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وكان من بين المتحدثين في الندوة كلاً من السيدة مارينا شنايدر، رئيس الشؤون القانونية ومسؤول إيداع المعاهدات في المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (المسؤول عن توحيد وتنسيق نصوص القانون الدولي الخاص عبر الدول)، والدكتور منير بوشناقي، مستشار في اليونسكو والمركز الدولي لدراسة الحفاظ على الممتلكات الثقافية وترميمها، والدكتور زكي أصلان، المدير والممثل الإقليمي في المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي (إيكروم) في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، والدكتورة إيليني بوليمينوبولو، الأستاذ المساعد في كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة.
خلال الندوة، سلّطت الدكتورة إيليني بوليمينوبولو الضوء على أهمية حماية التراث ومكافحة الصور المختلفة لممارسات الاتجار بالممتلكات الثقافية بدءًا من السرقة من مؤسسات التراث الثقافي أو المجموعات الخاصة وانتهاءً بنهب المواقع الأثرية والقطع التاريخية أثناء الحروب.
ومع أن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية ظاهرة دولية بطبيعتها تتطلب تكاتف الجهود الدولية لاحتواء وتفادي أضرارها بالتراث البشري، إلا أن البلدان التي تملك هذه الآثار والمقتنيات وغيرها من الممتلكات الثقافية هي الأكثر تضررًا، كما أشار المشاركون في الندوة.
وفي افتتاح الجلسة التي عقدت في 14 نوفمبر، رحبّت السيدة هوسوم تان، المدير التنفيذي لمكتبة قطر الوطنية، بالمشاركين وعلّقت قائلة: "يسرني افتتاح جلسة اليوم للاحتفال باليوم الدولي الثالث لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. أعتقد أن قدرتنا على مكافحة نهب المواد التراثية القيمة تعتمد على مدى استمرار التنسيق بين الأفراد والمنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية الرئيسية للتوصل إلى حلول عملية وواقعية لحماية تراثنا".
وأضافت: "للأسف الشديد، وصل الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية إلى مستويات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، وقد أطلقت المكتبة العديد من المبادرات واتفاقات الشراكة والتعاون التي تهدف لحماية التراث الوثائقي للمنطقة من الاتجار غير المشروع، كما تهدف لتكثيف جهود التثقيف والتوعية بهذه القضية الخطيرة".
وسلّطت السيدة شنايدر الضوء على أهمية إجماع بلدان العالم على تنفيذ القوانين نفسها في تيسير إعادة العناصر المسروقة أو التي خرجت بصورة غير قانونية من ملاكها الشرعيين. وقالت: "كثّفت دول العالم جهودها في السنوات الأخيرة لمكافحة الاتجار غير المشروع عبر وضع الخطوط العريضة لقوانين إعادة الممتلكات الثقافية وردها إلى أصحابها الشرعيين".
وأضافت: "إن اتفاقية المنظمة الدولية لتوحيد القوانين الخاصة في عام 1995 هي مكملة لأحكام اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن وسائل حظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية السلع والممتلكات الثقافية بوسائل غير مشروعة عبر صياغة قواعد قانونية موحدة لإعادة الممتلكات الثقافية بهدف مواجهة أخطار الاتجار غير المشروع بالمواد الثقافية".
وتأتي هذه الندوة بعد شهور قليلة من عقد ورشة عمل مماثلة استضافتها المكتبة مؤخرًا حول مكافحة تهريب القطع الأثرية الثقافية. وقد ناقشت ورشة العمل متعددة التخصصات، التي عُقدت بالشراكة مع وزارة الثقافة القطرية والسفارات الأمريكية والإيطالية والفرنسية في قطر، أفضل الممارسات في مكافحة الاتجار بالآثار بالإضافة إلى إبراز البرامج والسياسات التي تحمي وتصون التراث الثقافي وحقوق الملكية.
ولطالما كانت المكتبة، بصفتها مركز الإفلا الإقليمي لصون مواد المكتبات والحفاظ عليها في الدول العربية والشرق الأوسط، رائدة في مكافحة الاتجار بالتراث الوثائقي من خلال المبادرات ذات الصلة مثل مشروع "حماية". فمنذ عام 2020، ساهم مشروع "حماية" في تعزيز الجهود وتنسيقها مع المنظمات الدولية والإقليمية لمكافحة الاتجار غير القانوني. وفي إطار مشروع "حماية"، أقيمت ورش عمل تدريبية إقليمية ودولية للمنظمات في الخطوط الأمامية وجهات تطبيق القانون. وقد شارك مشروع "حماية" أيضًا في العديد من الفعاليات الدولية، وشجّع المكتبات ودور المحفوظات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تحديث قاعدة بيانات الإنتربول للمواد التراثية الوثائقية المسروقة ضمن إنجازات أخرى.
ومن المقرر إطلاق العديد من المبادرات في إطار مشروع "حماية" خلال العام القادم 2023 بالتعاون مع الهيئة العامة للجمارك في قطر، ومن المتوقع أن يثمر هذا التعاون عن تطوير قدرات الضباط في المنطقة، وتدشين مشروعات لمكافحة الاتجار بالآثار في أفغانستان. بالإضافة إلى ذلك، يخطط مشروع "حماية" لتنظيم برنامج إقليمي لتوعية المتخصصين والمعنيين بأخطار الاتجار غير القانوني بالممتلكات التراثية، كما يخطط أيضًا للتعاون مع مشروع أبحاث الأنثروبولوجيا والمتاجرة بالآثار (آثار)، ومعهد قطر للحوسبة والبحوث بجامعة حمد بن خليفة، لرصد أنشطة التهريب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتواصل مكتبة قطر الوطنية مسيرتها في دعم جهود التصدي للتداول غير المشروع للتراث الوثائقي والاتجار غير القانوني به عبر المبادرات والمشروعات التي تسهم في تعزيز وعي الجهات المعنية والجمهور حول هذه القضية الجوهرية، بالإضافة إلى حث المؤسسات الدولية على التكاتف والتنسيق معًا لحماية ذاكرة العالم الثقافية قبل أن تضيع.