نظمت مكتبة قطر الوطنية، بالتعاون مع وزارة الثقافة ومبادرة "قطر تقرأ"، العديد من الفعاليات الثقافية حول كتاب "كليلة ودمنة" الذي اختير ليكون محور حملة "كتاب واحد، مجتمع واحد" التي تهدف إلى جمع أفراد المجتمع سويًا للاحتفاء بالثقافة وتذوق التراث الثري للأدب العربي عبر قراءة مجتمعية مشتركة.
أولى فعاليات المكتبة كانت "ليلة مع كليلة ودمنة" يومي 21 و22 مارس وفيها استمع الأطفال إلى بعض قصص هذا الكتاب الممتع الحافل بالحكايات الطريفة المليئة بالحكمة، ثم قاموا بتمثيل مشاهد من الكتاب، بينما قام اليافعون بمناقشة الكتاب وتشكيل لوحة فنية تعبر عن رؤيتهم للكتاب وشخصياته الطريفة من الحيوانات.
وفي 22 مارس، سلّط محمد المختار أحمد، المشرف العلمي لمشروع "تراث" بموقع الجزيرة نت - شبكة الجزيرة الإعلامية، الضوء على أهمية كتاب كليلة ودمنة في تاريخ الثقافة الإسلامية، وكيف أصبح جزءًا من التراث الأدبي العالمي بعد ترجمة النص العربي إلى العديد من اللغات عبر العصور.
وكتاب كليلة ودمنة هو واحد من أشهر الكتب في تاريخ الأدب العربي، وحازت قصصه التي تدور أحداثها حول شخصيات من عالم الحيوان شهرة واسعة لم تحظ بها أي قصص أخرى من قبل، والنص العربي هو في حقيقة الأمر ترجمة بديعة لعبد الله ابن المقفع في العصر العباسي من النص الفارسي الذي كان بدوره ترجمة عن النص الأصلي باللغة السنسكريتية، وهي لغة هندية قديمة.
علقت السيدة عبير سعد الكواري، مدير إدارة شؤون البحوث وخدمات التعلم بمكتبة قطر الوطنية، على المبادرة والكتاب بقولها: "كتاب كليلة ودمنة من النصوص الخالدة في الأدب العربي. ومن أهم مقتنيات مكتبتنا التراثية العديد من النسخ النادرة لهذا الكتاب، وهي: مخطوطان، وكتاب قديم مطبوع باللغة العربية عام 1819، ومجموعة واسعة من الكتب المطبوعة التي يعود تاريخها إلى أوائل القرن العشرين. أحد المخطوطين باللغة العربية مكتوب بأسلوب النظم الشعري ويعود تاريخه إلى عام 747 هـ / 1347 م. أما المخطوط الآخر فباللغة الفارسية، ويحتوي على رسوم ملونة بديعة، ويعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر أثناء حكم الأسرة القاجارية لإيران. وهذه المخطوطات ومعظم النسخ القديمة التي نملكها متوفرة بصورة مرقمنة على المستودع الرقمي للمكتبة، كما نتُيح لأعضائنا نُسخًا إلكترونية لهذا الكتاب عبر مصادرنا الإلكترونية".
وأضافت قائلة: "إن الكتب النادرة مثل كليلة ودمنة لهي شهادة على رسالتنا وعنايتنا بحفظ التراث وصونه والعناية به، كما تبرز جهودنا ومبادراتنا في تعزيز التفاهم الثقافي ورفد الأبحاث والدراسات التاريخية حول المنطقة، الأمر الذي رسخ مكانة المكتبة كمؤسسة مرجعية في قطر حول التراث والحضارة العربية والإسلامية".
من جانبها صرحت هند الخليفي، مدير مكتبة الأطفال واليافعين بمكتبة قطر الوطنية، قائلة: "موضوعات وقصص كليلة ودمنة كان لها أثر كبير في استقطاب فئات عديدة من المجتمع وتشجيعهم على القراءة بالمكتبة. يحتوي الكتاب على حكايات شيّقة ومرحة مصحوبة برسومات بديعة عن الحيوانات تذكي خيال القراء خاصة الأطفال واليافعين، ونأمل أن تكون الفعاليات التي نظمتها المكتبة قد أسهمت في غرس حب الكتب ونشر ثقافة القراءة في نفوس الأطفال واليافعين، وأن تكون قد فتحت مجالات ثرية للمناقشة الحافلة بالرؤى المتنوعة والأبعاد المختلفة".
جدير بالذكر أن "قطر تقرأ" هي إحدى مبادرات مؤسسة قطر، وتهدف إلى خلق حراك وطني يزيد الوعي بأهمية القراءة، ويعزز الإقبال عليها بين جميع أفراد المجتمع في دولة قطر، لا سيّما الأطفال واليافعين، وتستمر حملة "كتاب واحد، مجتمع واحد" من 6 إلى 26 مارس، وتتألف من ثلاث مراحل هي الوعي والقراءة والمشاركة، وتُختتم الحملة بمهرجان في الحي الثقافي – كتارا لمدة أربعة أيام من 23 إلى 26 مارس يتيح للقراء الواعدين فرصة اللقاء والتفاعل عبر سلسلة من الورش والألعاب والأنشطة الإبداعية. للاطلاع على القائمة الكاملة لفعاليات المهرجان، يجرى زيارة موقع المهرجان على الإنترنت: https://qatarreads.qa/one-book-one-doha