ركز المؤتمر الدولي "إعادة إعمار التراث الثقافي بعد النزاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، الذي أقيم بتنظيم مشترك بين معهد الدوحة للدراسات العليا ومركز دراسات النزاع والعمل الإنساني ومكتبة قطر الوطنية ومتاحف قطر، على استكشاف التحديات والفرص الخاصة بإعادة بناء التراث الثقافي بعد انتهاء النزاع في بعض دول العالم العربي.
شارك في المؤتمر الذي استمرت فعالياته من 7 إلى 8 مارس نخبة من الباحثين والخبراء والأكاديميين في مختلف التخصصات من كبرى الجامعات في الدول العربية وأوروبا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية لاستكشاف سُبُل إعادة إعمار التراث الثقافي بعد انتهاء الصراعات وصون الأصول والآثار التاريخية والكنوز الثقافية الفريدة والحفاظ عليها في مرحلة ما بعد النزاعات وأثناء تعافي المجتمعات من آثار الحروب والصراعات.
على مدى العقود الماضية، نشبت في المنطقة العربية سلسلة من النزاعات المسلحة نجم عنها تدمير العديد من القطع الأثرية الفريدة ذات القيمة التاريخية والروحية والجمالية. حول تعقيدات إعادة إعمار التراث والتعافي دارت مناقشات المؤتمر العابرة للتخصصات مع التحليل الشامل للحالة العراقية والليبية والسورية، وتطرق المؤتمر إلى صون التراث الثقافي الفلسطيني، وتحديات إشراك المجتمعات المحلية، ودور المرأة في صون التراث الثقافي غير المادي، بالإضافة إلى العديد من الموضوعات الأخرى.
في كلمته التقديمية للمؤتمر، قال الدكتور عبد الوهاب الأفندي، رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا: "إن الأحداث والكوارث الأخيرة التي أصابت المنطقة وبقية دول العالم نبهتنا إلى هشاشة بعض جوانب وجودنا، وعلى رأسها الإرث الثقافي، ما يعلّق آمالا كبيرة على هذا المؤتمر ويؤكد على نهوض دولة قطر بدورٍ قيادي في مساعي إعادة الإعمار للتراث وصونه".
سلط العديد من الخبراء المشاركين في المؤتمر، أثناء عرضهم للتحديات الراهنة، الضوء على ريادة قطر على المستوى الإقليمي والعالمي في دعم إعادة إعمار التراث الثقافي والتعافي في مرحلة ما بعد النزاع في المنطقة العربية. وقد عرضت الدكتورة فاطمة السليطي، مدير التعاون الدولي والشؤون الحكومية في متاحف قطر، الجهود التي تبذلها متاحف قطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى تمثيل دولة قطر في لجنة اليونسكو لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح.
وفي جلسة بعنوان "مساعدة التراث الثقافي، قطر والعالم"، تحدث ستيفان إيبيغ، مدير شؤون المجموعات المُميزة في مكتبة قطر الوطنية، عن رسالة المكتبة في حماية التراث الثقافي الوثائقي المهدد بالخطر. ونوع الدور الذي تقوم به المكتبة بصفتها مركز الإفلا الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والحفاظ عليها في الدول العربية والشرق الأوسط، والذي أطلقت من خلاله العديد من المشاريع وتتعاون مع الشركاء لدعم مبادرات إعادة التأهيل على أرض الواقع. ومن أبرز مبادرات المكتبة في هذا الصدد، مشروع حماية الذي يدعم جهود مكافحة الاتجار والتداول غير القانوني للتراث الوثائقي في المنطقة.
حول مشاركة المكتبة في هذا المؤتمر، علق ستيفان إيبيغ قائلًا: "بسبب النطاق الهائل للتدمير الذي لحق بالتراث على مدى السنوات العشر الماضية، نشأت حاجة ملحة لقراءة نقدية لجهود إعادة الإعمار والتعافي في المنطقة والعمل على تطويرها وزيادة تأثيرها. لقد استفدنا جميعا من المناقشات والحوارات متعددة التخصصات أثناء المؤتمر وساعدتنا على فهم الجهود التي تقوم بها الأطراف المختلفة كل على حدة، واستكشاف سبل التعاون في تعميق تأثيراتها الشاملة والمتكاملة. لقد كانت المشاركة في تنظيم هذا المؤتمر فرصة مثمرة لاستكشاف المجموعة المتنامية من الدراسات والأبحاث العلمية، والمساهمة في إنشاء قاعدة معرفة مقارنة تخدم مساعينا وجهودنا".
بجانب المناقشات الأكاديمية، نظم الدكتور نور الله منوّر، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في معهد الدوحة للدراسات العليا، معرضًا للصور بعنوان "بين حلب والموصل" سلط الضوء على حجم الدمار الهائل الذي حاق بالتراث الثقافي في سوريا والعراق، وواقع التراث في كلتي المدينتين بفعل النزاعات والصراعات المدمرة فيهما.
لمعرفة المزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني: www.qnl.qa