استضاف الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات ومركز الإفلا الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والحفاظ عليها في الدول العربيّة والشرق الأوسط في مكتبة قطر الوطنية مؤخرًا اجتماعًا بحضور نخبة مرموقة من ممثلي المنظمات الدولية البارزة والخبراء العالميين لمناقشة سُبُل المحافظة على المواد التراثية في أفغانستان وحمايتها من النهب والتهريب. وكان الغرض الأساسي للاجتماع هو تنسيق الجهود بين جميع الجهات والمؤسسات المعنية بحماية التراث الوثائقي في أفغانستان المعرض لتهديدات التهريب أو النهب عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد.
وشارك في الاجتماع ممثلو العديد من المؤسسات والمنظمات والجهات الدولية منها الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (الإفلا) ومركز الإفلا الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والحفاظ عليها في الدول العربيّة والشرق الأوسط في مكتبة قطر الوطنية، والإنتربول لحماية الأعمال الفنية، والمجلس الدولي للمراكز الأرشيفية، ومشروع آثار، ومؤسسة سميثسونيان، والمجلس الدولي للمتاحف، وصندوق الأمير كلاوس، والتحالف الدولي لحماية التراث في مناطق الصراع، والمجلس الدولي للمتاحف والمواقع الأثرية، ومركز سريلانكا الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والحفاظ عليها المعني بإقليم جنوب شرق آسيا، وجمعية أخصائي المكتبات في الشرق الأوسط، والمعهد النرويجي في روما، ومكتبة الصين الوطنية، ضمن عدد كبير من الجهات والمؤسسات الدولية الأخرى.
وقد تناولت النقاشات في الاجتماع الحالة الراهنة للتراث الوثائقي والثقافي في أفغانستان، والأولويات والمخاوف فيما يتعلق بالتهديدات التي يتعرض لها هذا التراث، والمشاريع السابقة حول التراث الثقافي، وتهريب التراث الثقافي الوثائقي والإجراءات والتدابير المتوقعة لحماية التراث الأفغاني والحفاظ عليه.
جدير بالذكر أن التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق الصراع وصندوق الأمير كلاوس كانا في مقدمة الجهات الدولية التي سعت لحماية التراث والحفاظ عليه في أفغانستان على مدى السنوات القليلة الماضية، وكانت قد تعاونت المؤسستان فيما قبل مع مكتبة قطر الوطنية في مشروع لترميم المعالم والمؤسسات الثقافية في بيروت لإعادتها إلى حالتها السابقة قبل الانفجار العاصف الذي شهده مرفأ بيروت في 2020.
وتلتزم مكتبة قطر الوطنية في إطار دورها كمركز الإفلا الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والحفاظ عليها بحماية المواد التراثية والحفاظ عليها في الدول العربية وفي منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة. وبهذه المناسبة، صرح السيد ستيفان إيبيغ، مدير شؤون المجموعات المُميزة في المكتبة، قائلًا: "لقد أقلقتنا كثيرًا التطورات الأخيرة التي أثرت على شعب أفغانستان بأكمله. إننا ندرك ثراء التراث الوثائقي في أفغانستان، وبالتأكيد سيكون أمرًا مؤسفًا حدوث أي مكروه لأي من المواد التراثية في أفغانستان جرَّاء الأحداث الجارية. ومن هنا كان هذا التعاون مع اتحاد الإفلا لإقامة اجتماع عاجل مع شركائنا والجهات المعنية حول العالم لاستكشاف الحلول والاستراتيجيات التي تحمي التراث الوثائقي في أفغانستان من السرقة والتهريب".
وركّزت نقاشات الاجتماع على أهمية وضرورة التنسيق مع الجهات المعنية بالتراث الثقافي الوثائقي سواء الجهات في أفغانستان أو التي تمثل المنظمات الدولية، ومناقشة تداعيات الموقف الحالي، وتبادل المعلومات واستكشاف الإجراءات والتدابير المقترحة. وعبَّرت جميع المؤسسات المشاركة في الاجتماع عن قلقها العميق إزاء إغلاق الموقع الإلكتروني لأرشيف أفغانستان الوطني، الأمر الذي أدى إلى فقد محتوياته الرقمية. وعقب الاجتماع شرع بالفعل فريق عمل من الخبراء والمؤسسات المعنية بمكافحة التهريب في صياغة خطة العمل ورسم مسار الإجراءات والخطوات التالية المطلوبة.
جميع الجهات المشاركة كانت تحدوها أهداف مشتركة تتمثل في حماية التراث الأفغاني ومناقشة الحلول والتدابير الجوهرية التي تسهم في تحقيق هذه الأهداف. ومن هذه الحلول الجادة تحديد الوثائق الهشة المعرضة لمخاطر كبيرة، واستراتيجيات الفهرسة، ومراقبة منصات التواصل الاجتماعي عن كثب، ورقمنة المواد التراثية، غير أن الجهات المشاركة اتفقت على أن توعية موظفي الجمارك والجوازات وتدريبهم هو الإجراء الأفضل من حيث الجدوى والتأثير.
وكان هذا الاجتماع هو الأول في سلسلة من المناقشات المزمع عقدها قريبًا. وستواصل المكتبة التنسيق مع اتحاد الإفلا وغيره من الجهات العالمية المعنية بحماية تاريخ أفغانستان ومساعدة الأجيال القادمة في التواصل مع الماضي ورسم معالم المستقبل.