استضافت مكتبة قطر الوطنية، بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية، ملتقى استمر لمدة يومين لمناقشة رقمنة الأرشيفات التقليدية في جميع البلدان العربية، وذلك بما يتماشى مع رسالتها المتمثلة في الحفاظ على تراث المنطقة وتعزيزه وتيسير سبل الوصول إلى المعلومات.
واستكشف الملتقى، الذي عُقد تحت شعار "الملتقى الثالث لإدارة التراث: الإتاحة الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي"، النماذج المختلفة للمستودعات الرقمية للتراث الوثائقي والجهود المبذولة لتعزيز إدارة المعلومات الرقمية لتحسين قابلية استخدام الأرشيفات وإمكانيات البحث فيها.
وجمع الملتقى خبراء محليين وإقليميين وقيادات مهنية وأكاديميين يعملون في مجال التراث والمصادر النادرة من الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة. وتناول الملتقى الدور المحوري للتكنولوجيا الرقمية في تعزيز إدارة الأرشيف وتيسير سبل الوصول إليه، فضلاً عن أهمية بناء مجتمع تعاوني لدعم رقمنة التراث الوثائقي.
واكتسب المشاركون في الملتقى رؤى قيِّمة حول موضوعات متنوعة مثل آثار التحول الرقمي على الأرشيفات التقليدية في المستقبل، ونماذج المستودعات الرقمية التي تحتوي على مصادر تراثية في مختلف المكتبات والمؤسسات الثقافية والتراثية. كما تطرقت المناقشات إلى المخاطر وآليات الاستجابة لها والحلول المرتبطة بالتحديات التي يفرضها العصر الرقمي على التراث.
وبهذه المناسبة، صرَّحت السيدة هوسم تان، المدير التنفيذي لمكتبة قطر الوطنية، قائلةً: "لقد أتاح الذكاء الاصطناعي ووسائل التكنولوجيا المبتكرة مجموعة كبيرة من الفرص لتعزيز سبل الوصول إلى التراث الوثائقي والحفاظ عليه. ومع ذلك، فإن الفهم المحدود للاستخدام الآمن والفعال للممارسات الرقمية في إدارة التراث لا يزال يشكل مجالاً للقلق، وهي مشكلة موجودة عالميًا مع ظهورها بشكل خاص في المنطقة. وكان هذا الاعتبار في صميم برنامج الملتقى، بناءً على التزام مكتبة قطر الوطنية بتعزيز القدرات في إدارة المجموعات الرقمية وحفظها، على المستويين الوطني والإقليمي".
وأعرب سعادة الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية - جامعة الدول العربية، عن امتنانه لمكتبة قطر الوطنية لاستضافة نسخة هذا العام من الملتقى، مشيرًا إلى أن هذا الحدث "وفر منصة لاستكشاف إسهام التحول الرقمي في تعزيز البحث العلمي في جميع أنحاء المنطقة عبر إتاحة سبل الوصول إلى ثروة من المصادر التاريخية المهمة."
وأوضح الدكتور القحطاني أن "الملتقى ناقش واقع التراث الرقمي في المكتبات والمؤسسات الثقافية في مختلف أنحاء المنطقة، وقدم رؤى حول المساعي المستقبلية لتعزيز التحول الرقمي في الدول العربية".
من جانبها، أكدت السيدة مريم المطوع، رئيس قسم إتاحة المجموعات في إدارة المجموعات المُميزة بمكتبة قطر الوطنية، أن "التكنولوجيا الرقمية باتت ضرورية بشكل متزايد للإدارة المستدامة وتيسير سبل الوصول إلى المصادر التراثية، حيث تسهم بشكل جذري في تشكيل مسيرتنا في المستقبل".
وأضافت: "لقد أصبح من الضروري بالنسبة للمتخصصين في إدارة التراث والحفاظ عليه تبني مناهج وأساليب استشرافية يمكنها توسيع سبل الوصول إلى المعرفة لأجيالنا القادمة وتعزيز الارتباط بماضيهم الثقافي والتاريخي. وقد سُررنا في مكتبة قطر الوطنية باتخاذ خطوة أخرى إلى الأمام في جهودنا الرامية لتثقيف المجتمع حول الطرق المبتكرة لحماية تراث منطقتنا، إلى جانب تشجيع التعاون في هذا المجال."
ومنذ إنشائها، كرست مكتبة قطر الوطنية جهودها لحفظ تاريخ المنطقة وتوثيقه، حيث تضم مكتبتها التراثية أكثر من 232,350 مادة أرشيفية وتاريخية. وللحيلولة دون تدهور هذه المواد وتضررها، أكمل قسم الرقمنة بالمكتبة حتى الآن رقمنة ما يقرب من 15,5 مليون مادة بما في ذلك الكتب والمواد الأرشيفية والخرائط والمخطوطات والصور والصحف وملفات الفيديو، والتي أصبحت جميعها متاحةً للجماهير في جميع أنحاء العالم من خلال المستودع الرقمي لمكتبة قطر الوطنية.