السيول والفيضانات وموجات التسونامي من أعنف الكوارث الطبيعية التي قد يتعرض لها أي بلد في العالم، إذ لها تأثير شديد على النظم البيئية والسواحل والتضاريس الجغرافية. ومع أن قطر في معظمها منطقة صحراوية قاحلة، كان لموجات التسونامي الصغيرة والمتكررة والسيول العديدة دورٌ جوهري في تشكيل شواطئها الساحلية وبيئتها الطبيعية في العصور السحيقة.
تقول الدكتورة علا عمروني، عالمة الجيولوجيا البحرية في المعهد الوطني للعلوم والتقنيات البحرية في جامعة قرطاج بتونس، إن هذه القوى الطبيعية رغم أنها حدثت في الماضي البعيد لكن تأثيرها لا زال حاضرًا في النظم البيئية في قطر. جاء تصريح الدكتور علا ضمن مشاركتها في ندوة "القصة المذهلة لتسونامي وفيضانات قطر" في 26 يناير التي حضرها أكثر من 250 من الطلاب والمعلمين وعشاق العلوم، وتناولت تأثير الظواهر المناخية المتطرفة على التطور الجغرافي لدولة قطر وهويتها الثقافية. وهذه الندوة هي إحدى الفعاليات الشهرية لمنتدى الكتاب العلمي، إحدى مبادرات مكتبة قطر الوطنية، الذي يرأسه الدكتور عصام حجي ويهدف لتشجيع الشباب والجمهور على الاهتمام بالعلوم وقراءة الكتب العلمية.
وتحدثت الدكتورة عمروني خلال الندوة عن أسباب التغييرات الساحلية وأوجه الشبه في المناطق القاحلة مثل قطر وتونس بقولها: "لقد تشكلت ملامح السواحل في قطر بفعل العديد من العمليات الجيولوجية والبحرية، وتأثرت بشكل خاص بفعل العوامل الطبيعية مثل موجات التسونامي العنيفة والعواصف العارمة. وفي الحقيقة، فإن السمات الجيولوجية لمنطقة الخليج العربي قد تأثرت بتاريخ طويل من الزلازل التي أدت إلى موجات متتالية من التسونامي التي أغرقت المنطقة كلها منذ آلاف السنين. ومن الضروري لكل من يعيش في دول الخليج أن يتعرف على تاريخ التغييرات الساحلية، وكيفية حماية المنظومة البيئية بصورة أفضل".
أما الدكتور عصام حجي الذي أدار الندوة فقد علق قائلًا: "تتميز قطر بسواحل ذات طبيعة فريدة متغيرة، إذ شهدت قطر تحولات مستمرة في تضاريسها البرية عبر آلاف السنين، الأمر الذي حوَّل قطر من منطقة برية حبيسة إلى شبه جزيرة، وذلك ضمن التغييرات الجوهرية التي تعرضت لها السواحل الشرقية لشبه الجزيرة العربية بسبب غمر الماء لمناطق واسعة واضطرار السكان للنزوح والهجرة من مكان لآخر، وقد أثر ذلك بدوره على الحياة الاجتماعية من آلاف السنين حتى الوقت الحالي، مثل نشأة المجتمعات القبلية واكتساب السكان لمهارات حياتية خاصة تعينهم على البقاء والتكيف مع بيئة متغيرة باستمرار".
شارك في الندوة عدد كبير من الطلاب والمعلمين وأفراد المجتمع المهتمين بالعلوم، وقد تبادل الحاضرون حوارًا ثريًا مع الدكتورة علا عمروني والدكتور عصام حجي. ومن الحاضرين يقول عبد الله محمد منصور، طالب في المرحلة الثانوية: "لم أكن أعلم الكثير عن السيول وموجات التسونامي قبل هذه الندوة. وهو فعلًا موضوع مهم يجب على كل الشباب المهتمين بالعلوم التعرف عليه. والمكتبة الوطنية من المعالم المهمة في قطر، وأتمنى لو يزورها كل أفراد المجتمع للتعرف على موضوعات جديدة ومقابلة أناس جدد".
وقال فادي كولتا، الذي حضر بسبب شغفه لاكتساب معرفة جديدة: "لقد حضرت خصيصًا للتعرف على موضوع جديد مختلف عن التصوير السينمائي وهو عملي الذي أمارسه يوميًا. لقد كنت أعتقد أن موجات التسونامي تحدث فقط في جنوب شرق آسيا. من الواضح أن هذه الكوارث قد تحدث في أي مكان حتى هنا في هذه المنطقة. وأعتقد أن تاريخ موجات التسونامي والسيول وغيرها من الموضوعات العلمية المهمة التي ينبغي على المرء أن يتعرف عليها من خلال حضور هذه الفعاليات".