نظمت مكتبة قطر الوطنية مؤخرًا ندوة إلكترونية دولية بعنوان "المكتبات في زمن الجائحة: ندوة نقاشية حول تخطيط الخدمات وإعدادها وتقديمها" لمناقشة التغييرات التي طرأت على خدمات المكتبات حول العالم تحت تأثير جائحة فيروس كورونا.
شارك في الندوة التي أدارتها إيمان الشمري، أخصائي المعلومات بالمكتبة، نخبة من الخبراء والمتخصصين في خدمات المكتبات والمعلومات من قطر والعالم العربي وأوروبا وجنوب شرق آسيا والولايات المتحدة لتبادل الخبرات وتسليط الضوء حول التغييرات التي شهدتها خدمات المكتبات بسبب الجائحة وعرض وجهات نظرهم حول مستقبل خدمات المكتبات والمعلومات على المدى البعيد.
رندة شدياق، المدير التنفيذي لوحدة المشاريع والمنح في جامعة الروح القدس في لبنان، ونائب رئيس جمعية المكتبات اللبنانية، ألقت كلمة مؤثرة تفيض بالأسى والحزن بالنظر إلى انفجار مرفأ بيروت، وتحدثت عن الدور المهم لجمعية المكتبات اللبنانية، وأهمية تطبيق حوكمة المعلومات خلال الظروف الحالية التي يشهدها لبنان.
كما نادت شدياق بضرورة إصلاح قوانين حقوق النشر في لبنان للسماح بالتبادل الرقمي للمعلومات أثناء الجائحة، وتطرقت إلى التغيير الذي حدث في طبيعة مهام أخصائي المكتبات هذا العام، وتأثيره في تعزيز حملات الوعي الصحي وتشجيع العمل عن بعد.
أما كارول آن الهندي، مدير إدارة الخدمات المرجعية بمكتبة قطر الوطنية، فقد تحدثت عن دور المكتبات في الولايات المتحدة "كمؤسسات من المستوى الثاني" في مواجهة الأزمات، وهي المؤسسات التي أخذت على عاتقها تقديم الخدمات التي تلبي احتياجات مجتمعاتها خلال فترات الكوارث، ومن هذه الخدمات برامج التدريب المهني وتنظيم فعاليات وورش الصحة النفسية، وتقديم الدعم لعمليات الإحصاء والتعداد السكاني، والمساعدة في تعبئة استمارات الضرائب، وبعض الإجراءات المتعلقة بالانتخابات.
ومن جانبها، أكدت أليشيا يو، نائب مدير مجلس المكتبة الوطنية بمكتبة سنغافورة الوطنية، في كلمتها على أهمية إيجاد ثقافة عمل قوية في المكتبات بعد الوباء، ومن ذلك الحث على الالتزام بعادات النظافة الشخصية وممارسات مكافحة العدوى في مختلف الأقسام والإدارات.
وأسهبت أليشيا في الحديث عن معايير السلامة في مكتبة سنغافورة الوطنية، ومن ذلك تقسيم الموظفين إلى فرق متناوبة بمواعيد عمل متبادلة في الحضور وفترات الاستراحة، بالإضافة إلى قياس درجات الحرارة للموظفين، وتطبيق ضوابط "المكتب النظيف"، وتجنب الاجتماعات المباشرة، كما يتم حثهم على العمل عن بعد والبقاء في المنزل إذا شعروا بالمرض.
وأشارت أليشيا إلى أن مكتبة سنغافورة الوطنية شرعت في توثيق تأثير جائحة "كوفيد-19" من خلال أرشفة المواقع الإلكترونية وبرامج البث التليفزيوني، والتقاط أخصائيي المكتبات للصور الفوتوغرافية وجمع الأشياء المرتبطة بالوباء. وبالتعاون مع المتحف الوطني لسنغافورة، أطلقت مكتبة سنغافورة الوطنية دعوة للجمهور للمساهمة بالمواد التي تصور خبراتهم وحياتهم أثناء الجائحة، بهدف رصد وتوثيق صورة كاملة لملامح الحياة خلال الظروف العصيبة غير المسبوقة التي فرضتها هذه الجائحة والاحتفاظ بها لأجيال المستقبل؛ وبإمكان أفراد المجتمع في سنغافورة المساهمة بمقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية أو مذكرات أو صور فوتوغرافية أو مطويات أو ملصقات أو يوميات أو مذكرات بخط اليد.
وخلال الندوة قدمت الدكتورة ميلينا دوبريفا، الأستاذ المشارك بقسم دراسات المكتبات والمعلومات بكلية لندن الجامعية في قطر، تحليلًا لخطط إعادة الافتتاح في 40 مكتبة حول العالم، مع التركيز على الرسائل والأفكار والموضوعات الرئيسية لإعادة الافتتاح، وهي "السلامة، والتباعد الاجتماعي، والموظفون، والتعقيم، والخدمات". وأشارت إلى أن الجائحة قد أتاحت للمكتبات فرصة إعادة النظر في استراتيجياتها الرقمية.
وحول هذه الندوة، علقت أماني اليافعي، رئيس قسم العلوم بمكتبة قطر الوطنية: "تمثل هذا الندوة فرصة رائعة لمكتبة قطر الوطنية للاستماع إلى نخبة من الخبراء من جميع أنحاء العالم وهم يتبادلون المعلومات والخبرات، والتعرف بشكل مباشر على الاستراتيجيات والمنهجيات المختلفة التي اتبعتها المكتبات في التعامل مع الظروف غير المسبوقة لهذه الجائحة العالمية".
وأضافت قائلة: "تبادل المعرفة ضرورة حيوية للمكتبات من أجل النهوض بدورها الجوهري في مجتمعاتها وعلى مستوى العالم. ومن النتائج الجامعة والمهمة التي كشفتها هذه الندوة مدى تكامل المكتبات خلال الجائحة العالمية، وكيف تأقلمت مع الظروف الراهنة لتفسح المزيد من المجال أمام التقنية الرقمية في تقديم خدماتها وأنشطتها".
وقالت أيضًا: " كان الوباء الحالي عاملاً باعثًا على التغيير والتطوير في خدمات المكتبات حول العالم. ولقد شهدت طبيعة الدور الأساسي الذي تقوم به المكتبات في تيسير التعلم وتنظيم البرامج والفعاليات والتفاعل مع المجتمع والتواصل مع الجمهور تطورًا بارزًا. وما زال أخصائيو المكتبات والمعلومات يشكلون قلب عملية التطوير، ونحن كمنظمين ومعدين للمعارض والمتاحف يجب علينا أيضًا أن نتطور لنواكب هذه التغيرات".
وختمت حديثها بقولها: "إننا في مكتبة قطر الوطنية سعداء بتبادل ما تعلمناه خلال التعامل مع جائحة فيروس كورونا مع المكتبات الأخرى حول العالم، ونتطلع لعقد ندوات مماثلة في المستقبل لضمان تقديم أفضل ما لدينا من خدمات للأعضاء والزوار من أفراد مجتمعنا".