قطر في عيون أطفالها في معرض (ريشة) الفني لأعمال الأطفال

30 ديسمبر 2020

للأطفال رؤيتهم النقية للعالم من حولهم. وعندما يرسمون هذه الرؤية بملكاتهم ومواهبهم الفنية الخصبة فإننا نشاهد مزيجًا من الخيال المتوهج ومنظورًا جديدًا يفيض بالإبداع والابتكار.

إذا كُنت قد قمت بزيارة إلى مكتبة قطر الوطنية مؤخرً فلا شك أنك لاحظت معرض (ريشة) الفني الذي يحتوي على 31 لوحة قماشية مرسومة بألوان الأكريليك أبدعتها أنامل اﻟﻄﻼب اﻟﻤﺸﺎرﻛين في عدد من الورش الفنية التي نظمتها المكتبة تحت ﺈﺷﺮاف ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧﺎت اﻟﻘﻄﺮﻳﺎت ﻛﺎﻷﺳﺘﺎذة اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﻨﺼﻒ واﻷﺳﺘﺎذة اﻟﻔﻨﺎﻧﺔ داﻧﺔ اﻟﺼفر وغيرهما.

كانت مكتبة قطر الوطنية قد أطلقت هذا المعرض الفني لأعمال الأطفال في شهر أكتوبر الماضي، ويبرز المعرض المواهب الفنية الكامنة ﻓﻲ هذا الجيل الواعد من طلاب المدارس الموهوبين الذين شاركوا في الورش الفنية وتعلموا فيها على يد فنانين قطريين معروفين واستفادوا من خبراتهم.

يأتي تنظيم هذا المعرض في إطار دور ﻣﻜﺘﺒﺔ قطر اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ كمؤسسة ثقافية تكرس جزءًا كبيرًا من جهدها لتعزيز الخيال وتنمية الإبداع وصقل المواهب وتطوير المهارات، كما تهدف لتشجيع الأطفال على إبراز ملكاتهم الفنية وعرض أعمالهم والاحتفاء بها.

حول هذا المعرض تقول السيدة هند الخليفي، مديرة مكتبة الأطفال واليافعين: "لدينا قناعة راسخة أن دور المكتبة لا يقتصر فقط على توفير الكتب ونشر ثقافة القراءة بين الأطفال، بل يتضمن أيضًا تنمية الشخصية المتوازنة للأطفال والارتقاء بمواهبهم وتشجيعهم على التعبير عن أفكارهم ورؤاهم بمختلف السبل سواءً بالكتابة أو بالخطابة أو بالإبداع الفني".

وأضافت هند الخليفي: "كانت الورش الفنية فرصة مثالية أتاحت للطلاب المشاركين صقل مهاراتهم الفنية على يد نخبة من الفنانين، وكانت ثمرة ذلك مجموعة فريدة من اللوحات الفنية الثرية بالمعاني والدلالات حول شخصية قطر ومعالمها وأجمل ما فيها، كما أصبح لدينا نواة جيل جديد من الفنانين نتطلع إلى المزيد من تعبيراتهم الفنية في المستقبل القريب". 

تقول نور محمد، أخصائية معلومات في قسم الأطفال والقائمة على المعرض: "الهدف من المعرض هو ‏ربط الطفل بهويته الثقافية وتعزيز شعوره بالانتماء ‏وإطلاق العنان لخياله الفني والإبداعي. لقد تنوعت مشاركات الأطفال وعكست إبداعهم المتنوع عبر لوحات تربط بين الماضي والحاضر . لقد ‏تجلّت مواهب الأطفال على لوحات القماش بريشهم التلقائية ولعل أجمل وصف لهذا المعرض هو (قطر في عيون أطفالها)".

وأضافت نور محمد: "كان كل طفل منغمسًا في لوحته ‏بكل خياله وإبداعه فمنهم من رأى قطر بحليها وذهبها في أيدي بناتها، ومنهم من رسم صقر العروبة والهوية القطرية، وآخرون عبروا عن قطر قديمًا بتراثها بمنارة قطر الحديثة في أبراجها العالية. شكلت كل المشاركات لوحات صغيرة عميقة النظرة عبرت عن صورة أكبر لأطفالنا وقطر في أعينهم. ‏كانت ريش الأطفال تنثر الإبداع والحياة على اللوحات القماشية. كما ساهمت الورش في تعزيز قدرات الأطفال على التعبير عن طريق الرسم".

وقالت الفنانة دانة الصفر، وهي إحدى الفنانات المشاركات في ورش المعرض: "الفن هو مرآة الشعوب التي تعكس أمام العالم نهضتنا وتطورنا وثقافتنا وطموحنا. وهذا ما تسمو إليه حكومتنا الرشيدة منذ الماضي حتى وقتنا الحالي وذلك باهتمامها بالفن بجميع أشكاله. ومن أقول الفنان العالمي بابلو بيكاسو "كل ما تستطيع أن تتخيله هو حقيقي". إذًا فبذرة الإبداع تبدأ من الخيال الذي لا سقف لحدوده. فمن ذا يملك خيالاً خصباً كالأطفال".

وأضافت: "في ورش ريشة الفنية أشرفت على مجموعة من الطالبات من المدارس الابتدائية اللاتي رسمن لوحات مختلفة لمعالم دولتنا الحبيبة قطر وتاريخها وحضارتها وتراثها ومستقبلها. لقد تعاونت معي تلك الأنامل الصغيرة في رسم خطوط وبعثرة ألوان على قماش اللوحة. ربما كانت إشارة البداية من عندي، لكن الوقت لم يكن كافيًا لأن سفينتهم في بحر الإبداع قد أبحرت وأنا على ثقة بأنها لن ترسو سريعًا قبل أن تمتلئ غرفهم ودفاترهم بالرسومات والألوان. إني فخورة بجهود الطالبات الموهوبات وإشراف معلماتهن ذوات الروح المتقدمة والمشجعة التي انعكست على أداء الطالبات، ويجدر بي أن أشكر إدارة مكتبة قطر الوطنية على جهدها في التنظيم والتحضير الممتاز لهذه الورش والمعرض".

ومن جانبها قالت الفنانة فاطمة النصف: "اختيار الألوان والفكرة في العمل الفني أمر ضروري مهما اختلف التعبير سواءً كان هذا الفن يعبر عن شيء بصري أو حسي أو سمعي، أو حتى الأداء الحركي. المقصود أن يكون موضع تعبير وتقدير لجماله وقوته. هذا ما وجدته في ورش (ريشة) الفنية مع طلابي الأعزاء في مكتبة قطر الوطنية التي أود أن أشكر فريق العمل بها على تيسير هذه التجربة الفريدة". 

من جهتها علّقت رحاب محمد، مدرسة التربية الفنية في مدرسة عمر بن الخطاب الأولى للبنين بقولها: "لقد سعدنا بمشاركة مبدعينا الصغار أشبال المدرسة في المعرض الفني لأعمال الأطفال (ريشة) الذي سلّط الضوء على بلدنا الحبيبة بين الماضي والحاضر مما ساهم في تعزيز هويتهم الثقافية ومواهبهم الإبداعية في إطار تعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية بين المدرسة والصرح الوطني مكتبة قطر الوطنية". 

 ومن الطلاب قال خليفة موسى، الطالب في مدرسة عمر بن الخطاب: "كبرت وأنا أرى أمي ترسم وتلون وتقوم بعمل الأشغال اليدوية، مما زاد لدي شغف وحب فن الرسم. وقمت بالمشاركة مع زملائي في المعرض الفني وقضيت وقتي أرسم في المكان المفضل خلال أيام الأسبوع. وكانت تجربة فريدة تركت لدي الأثر الطيب. وأتمنى القيام بها مجدداً لتبادل الأفكار وتعلم كل ما هو جديد".

وقال حسن أحمد الأنصاري، الطالب في مدرسة عمر بن الخطاب: "استمتعت كثيرًا باختياري كمشارك في ورشة (ريشة) الفنية. وكنت متشوقاً لهذه الورشة لأني أحب الرسم واكتشفت أنا وأصدقائي معلمًا من معالم دولتنا الحبيبة قطر، وتعلمت رسم البيوت والآثار القديمة لدولة قطر، ورسمت بيتًا قديمًا من الداخل، كما رسمت بعض الأواني واستمتعت جدًا بالرحلة الفنية التي كانت جميلة ومثمرة".

ومن مدرسة معاذ بن جبل الابتدائية للبنين، يعلق الأستاذ إبراهيم محجوب أحمد إدريس منسق الفنون البصرية بقوله: "لا شك أنَّ الفن له تأثير في النفس والوجدان ممَّا ينعكس على الحياة العملية والشخصية فالفن من أفضل الوسائل لتربية النشء تربية سليمة، فهو يعمل على إحياء الذوق المجتمعي وبناء جيل قادر على مواجهة الصعوبات والتحديات وقد شاهدنا هذا ولمسناه في المعرض الفني المميز (ريشة) الذي أمدّنا بتجربة مميزة ورائعة برعاية وتنظيم مكتبة قطر الوطنية التي نشكرها من أعماق قلوبنا على دعمها لمجالات الفنون والثقافة".

وأشارت عائشة الجابر، مشرفة الطالبات ومنسقة الفنون البصرية في مدرسة الرفاع الابتدائية للبنات إلى أن الطالبات الموهوبات قد استمتعن بورشة (قطر بين الماضي والحاضر) للفنانة القطرية دانة الصفر التي احتضنتها المكتبة، وكان لها أثر إيجابي في نفوس الطالبات. قائلة: "لقد سعدنا بمشاركتنا ببعض اللوحات الفنية التي حظيت باستحسان وثناء الحضور الكريم، ومن هذا المنطلق أقدم جزيل شكري وامتناني لمكتبة قطر الوطنية خاصة الأستاذة نور محمد، القائمة على المعرض والورش الفنية".

تضمّن المعرض أيضًا لوحات فنية لطلاب وطالبات من عدة مدارس أخرى وهي مدرسة خولة بنت الأزور الابتدائية للبنات ومدرسة البيان الأولى للبنات، ومدرسة طيبة النموذجية المستقلة ومدرسة عبد الله بن زيد. وجدير بالذكر أن المعرض مستمر في المكتبة حتى 31 ديسمبر الجاري.