رحلة عبر التراث العربي للفروسية في مخطوطات مكتبة قطر الرقمية

15 فبراير 2017

تعدّ رياضة الفروسية ومهارات ركوب الخيل من الأنشطة الرياضية التي تحتفي دولة قطر وتعتز بها باعتبارها من ركائز ثقافتها العربية والإسلامية، وجزء أصيل من تاريخها العريق على مر العصور. وينعكس هذا الاعتزاز في إقبال القطريين، خلال اليوم الرياضي للدولة كل عام، على مرافق الفروسية لتعليم أولادهم مهارات ركوب الخيل التي قال الرسول عليه الصلاة والسلام إن "الخير معقود في بنواصيها إلى يوم القيامة".
 
ومن مظاهر الاحتفاء برياضة الفروسية، خلال اليوم الرياضي للدولة، التعرف على تاريخها وأشهر المخطوطات التي ألفها العرب والمسلمون حولها، وخير مصدر يمكن أن يرجع إليه كل المهتمين بالفروسية والخيل هو مكتبة قطر الرقمية، التي تزخر بالنسخ الرقمية للعديد من المصنفات والمخطوطات والمؤلفات حول الفروسية، وركوب الخيل، وبيطرة الخيول.
 
 
ومن أقدم المخطوطات حول الفروسية في مكتبة قطر الرقمية مخطوطة (نهاية السؤل والأمنية في تعلم أعمال الفروسية) من تأليف محمد بن عيسى بن إسماعيل الحنفي، التي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن الهجري (القرن الرابع عشر الميلادي)، والمزينة بالعديد من الرسوم والأشكال التوضيحية الملونة المصحوبة بوصف تفسيري.
 
 
وتعد هذه المخطوطة، التي يناهز مجموع صفحاتها الستمائة صفحة، من أندر المؤلفات العربية المتخصصة في فنون الفروسية، والقتال بالسيوف والرماح، حيث اتبع المؤلف منهجًا منظمًا تناول من خلاله موضوعات مرتبطة بالفروسية والخيول مثل الجهاد، ومهارات النبال والقوس، واستخدام الرمح، وحمل التروس.
 
وأفرد الكتاب مجالًا واسعًا لمهارات ركوب الخيول، وأنواع الركوب، وكيفية ترويض الفرس والتحرك بها بمرونة في ميادين الحرب، وكيفية القتال بالسيوف والرماح على صهوة الجياد، مدعومة برسوم توضيحية
خلفيتها من الزهور والورود والنباتات الخضراء.
 
وقد برع العلماء العرب في طب الخيول، ووصف مختلف أمراضها، وعللها وعلاج كل منها. ومن أشهر مخطوطات مكتبة قطر الرقمية في بيطرة الخيول مخطوطة (الفروسية وشيات الخيل) لأبي يوسف محمد بن يعقوب بن إسحاق الشهير باسم بن أخي حزام، مدرب خيول الخليفة العباسي المعتضد، ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر الميلادي.
 
يقول المؤلف في مقدمة كتابه: "وهذا كتاب يجب على كل من اقتنى فرسًا ألا يخلو منه لفضله، وهو من بيطرة البهايم يوازي كتاب "الصناعة الكبيرة لجالينوس في طب الناس"، وفيه فنون من علم الفروسية والمعرفة بأحوال الخيل، وخواصها، وعيوبها، وعللها، وأحوالها، والمولود منها بعيب، والحادث بها من العيوب بعد الصحة، وأسماء أعلالها وأدويتها علةً علة، ورياضتها، وفنون معاناتها، وتدريب الفارس عليها، وتعليم الفروسية أولاً فأولاً، وقد جمعت فيه ما يستغنى به عن جميع الكتب".
 
وإلى جانب الاحتفال باليوم الرياضي للدولة،  يحتفل الشقب، عضو مؤسسة قطر، بمرور 25 عامًا على إنشائه ، ، والذي يولي اهتمامًا كبيرًا بالخيل العربية، ويسعى دومًا لتحقيق التميز في مهارات الفروسية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالخيل الأصيلة المتواجدة في دولة قطر، كما يسعى إلى حفظ التراث الثقافي للدولة في مجال الفروسية والخيل ونقله إلى الأجيال القادمة.
 
وتُعَّدُ مكتبة قطر الرقمية، التي أُطلقت بتاريخ 22 أكتوبر 2014، ثمرة لمشروع الشراكة مع المكتبة البريطانية، وتحتوي على مئات الآلاف من صفحات الوثائق والسجلات من أرشيف مكتب حكومة المملكة المتحدة في الهند، التي تتعلق بالتاريخ الحديث لدولة قطر والمنطقة وتغطي الفترة التاريخية من بداية القرن السابع عشر حتى منتصف القرن العشرين، بالإضافة إلى مخطوطات العلوم العربية والإسلامية التي تعود إلى القرن العاشر الميلادي في العصر الذهبي للحضارة العربية والإسلامية. ويبلغ مجموع هذه الصفحات في الوقت الحالي ما يقرب من مليون صفحة ستصل إلى أكثر من مليون وستمائة ألف صفحة بنهاية عام 2018.
 
وجدير بالذكر أن جميع هذه الصفحات والمخطوطات والوثائق متاحة بشكل مجاني مع وصف باللغتين العربية والإنجليزية لجميع المهتمين والباحثين في جميع أنحاء العالم، مؤكدة بذلك رسالة مكتبة قطر الوطنية المتمثلة في "نشر المعرفة، وصقل ملكات الإبداع، وتعزيز الابتكار، والحفاظ على تراث الأمة من أجل المستقبل".
 
ويمكن الاطلاع على الكتب المذكورة آنفًا من خلال زيارة الموقع الإلكتروني لمكتبة قطر الرقمية www.qdl.com وكتابة كلمة "الفروسية" في مربع البحث، لتجد أمامك ثروة تاريخية قيِّمة من المخطوطات النادرة حول الخيول، والتي يمكنك تنزيلها كاملة بصيغة "بي دي إف" للاطلاع عليها في أي وقت دون الاتصال بالإنترنت، بالإضافة إلى آلاف الوثائق التاريخية حول تاريخ وثقافة دولة قطر والمنطقة.
 
وإلى جانب مصادر مكتبة قطر الرقمية المتاحة عبر الإنترنت مجانًا لكل سكان العالم، تتيح مكتبة قطر الوطنية قواعد بيانات إلكترونية في مختلف فروع العلوم والتخصصات لكافة سكان دولة قطر، في إطار دعمها لرسالة مؤسسة قطر التي تسعى لإطلاق قدرات الإنسان. كما تنظم المكتبة العديد من ورش العمل والفعاليات والمبادرات التي تهدف إلى دعم التطور الشخصي لكل فرد في المجتمع، وتدريب المهتمين باستخدام المصادر المعرفية الرقمية المتاحة عبر الموقع الإلكتروني للمكتبة. لمعرفة المزيد عن مكتبة قطر الوطنية، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني للمكتبة: www.qnl.qa.
 

 

 

- انتهى -