صاحبة السمو تطلِّع على آخر تطورات رقمنة الوثائق البريطانية للمنطقة

27 سبتمبر 2016
قامت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، اليوم بزيارة للمكتبة البريطانية، اطّلعت خلالها على آخر تطورات الشراكة المعرفية الرائدة بين مكتبة قطر الوطنية ونظيرتها البريطانية والتي ترمي إلى رقمنة نصف مليون وثيقة تاريخية من سجلات الأرشيف البريطاني حول تاريخ المنطقة، وذلك في إطار زيارة سموها إلى المملكة المتحدة وجهودها المتواصلة لتعزيز ثقافة المكتبات في دولة قطر.

وتعكس هذه الشراكة النوعية، والتي تتزامن مع احتفالية "قطر- المملكة المتحدة 2013"، عمق العلاقات بين دولة قطر والمملكة المتحدة لا سيما في مجالات البحث العلمي والتعليم والثقافة. وأكدت صاحبة السمو الشيخة موزا خلال الزيارة على القيمة التاريخية الكبيرة لهذه الوثائق وأهمية الحفاظ عليها، قائلة: "إن هذه الوثائق تشكل رافدا من روافد الذاكرة الوطنية لأمتنا ومن ثم يتعين علينا أن نحافظ عليها ونحتفي بها. ولا شك أن شراكتنا مع المكتبة البريطانية في هذا الصدد سوف تسهم في تسليط الضوء على حقبة مهمة من تاريخ المنطقة وثقافتها، كما ستوفر لنا ثروة هائلة من المعلومات يمكنها أن تُعمق فهمنا لتاريخ الشرق الأوسط وتزيد من تقديرنا لتراثنا". وتتضمن تلك الوثائق 475 ألف صفحة من سجلات مكتب الهند، و25 ألف صفحة من المخطوطات العربية التي تعود للقرون الوسطى سيتم إتاحتها عبر شبكة الإنترنت لأول مرة. وهناك مشروعات مشابهة تجري مع كل من فرنسا وهولندا وتركيا ولكن عمق الروابط التاريخية بين بريطانيا ودول المنطقة تضفي قيمة أكبر على هذه الوثائق وعلى الحقبة التي تتناولها.

هذا وكان في مقدمة مستقبلي صاحبة السمو والوفد المرافق لها، السيد رولي كيتنج، المدير التنفيذي للمكتبة البريطانية، الذي رافق سموها والوفد المرافق في جولة ضمن مرافق المكتبة العريقة. وقد التقت صاحبة السمو خلال الجولة عدداً من المتخصصين الذين يشرفون على مشروع الرقمنة وقسم المحفوظات. وتعرفت سموها على الإجراءات المتبعة لضمان الحفاظ على سلامة ودقة كل وثيقة. كما افتتحت صاحبة السمو مكتبا لمؤسسة قطر في المملكة المتحدة، والذي يقع ضمن المبنى الرئيسي للمكتبة البريطانية في سانت بانكراس في لندن.

وقال السيد كيتنج: "إنه لمن دواعي الشرف أن نستقبل صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر في المكتبة البريطانية اليوم، حيث أتيحت لنا الفرصة لإطلاعها على التقدم الكبير الذي أحرزه اختصاصيونا في مشروع الرقمنة وحفظ الوثائق على مدى الأشهر العشرة الماضية. لا شك أن الشراكة التي ستجمعنا مع مؤسسة قطر على مدى 10 سنوات سوف تتيح لنا فرصة مشاركة أرشيف المكتبة البريطانية على نطاق عالمي، ليطلع عليه الباحثون والأكاديميون وجميع المهتمين بتاريخ منطقة الخليج". وتسعى مؤسسة قطر من خلال مشروع رقمنة وثائق سجلات الأرشيف البريطاني لتاريخ الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، وعدد من المشاريع الأخرى، إلى غرس ثقافة المكتبات في المجتمع من خلال تشجيع الشباب على دراسة هذا التخصص، بما يسهم في الحفاظ على تراث الأمة. وفي هذا الإطار، تم استحداث درجة ماجستير جديدة في علم المكتبات، أطلقتها كلية لندن الجامعية في قطر، وذلك لتزويد الطلاب بفهم دقيق وشامل لهذا العلم.

والتقت صاحبة السمو، خلال وجودها في المكتبة البريطانية، طالبتين قطريتين تعملان ضمن الفريق الخاص بمشروع الرقمنة، حيث عبّرتا عن بالغ سعادتهما بالمشاركة في هذا المشروع. وتقول الطالبة سامية حسن الشيبة: "أشعر بكثير من الفخر لكوني أصحبت جزءاً من هذه الشراكة وما ستوجده من وعي يتماشى مع رؤية قطر 2030 التي تهدف إلى الحفاظ على تراثنا وتعزيز الوعي بالقيم العربية والهوية الإسلامية". وتضيف سامية بالقول: "من المهم جداً أن تتوفر لقطر جميع المعلومات التاريخية الخاصة بالدولة، لأنها ستكون مرجعاً للأجيال القادمة".


 
  


أما زميلتها عائشة حسن الأنصاري فتقول: "أشعر بالحماسة والفرح لمشاركتي في هذا العمل الذي أتاح لي فرصة تمثيل الفتاة القطرية بشكل خاص، والشباب القطري بشكل عام. كما وفر لي فرصة التعرف بعمق على تاريخ الحضارة الإسلامية الغني، من خلال المعارض التي شاركت فيها. لقد كانت تجربة مفيدة جداً جعلتني أكثر اطلاعاً على تاريخ بلدي وثقافته وتقاليده، ونقلها بالتالي إلى الآخرين". وتختتم عائشة بالقول: "أشعر بأني محظوظة للعمل في هذا المكان الذي يضم مجموعة نادرة من الوثائق بشأن قطر والحضارات العربية والإسلامية. كما تسعدني جداً مشاركتي في الجهود التي تقوم بها المكتبة الوطنية ومكتبة البحوث الجامعية ومكتبة ميتروبوليتان العامة للتحول إلى العصر الرقمي".

وفي ختام زيارة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر إلى المكتبة البريطانية، قدّم مسؤولو المكتبة إلى سموها مجموعة من المخطوطات الثمينة، ومنها نسخة مصورة لنص حول علم الدراسات الكونية والتاريخ الطبيعي، بالإضافة إلى مجموعة خرائط لمنطقة الخليج, ونسخة أولية مسجلة لدراسة أرخميدس حول "الساعة المائية".

فرصة قيمة للاطلاع على حقبة تاريخية مهمة من تاريخ منطقة الخليج إلى ذلك، تتواصل عمليات رقمنة الوثائق البريطانية، والتي أُنجز منها أكثر من 85 ألف وثيقة حتى الآن، من المواد الأرشيفية النادرة حول التاريخ الحافل لمنطقة الخليج. ويشمل المشروع رقمنة آلاف المخطوطات العربية التي تعود إلى العصور الوسطى وتبرز إسهام العلماء المسلمين في مجالات العلوم والطب والرياضيات والهندسة.

وسيتم نقل هذه الوثائق إلى أرشيف الوسائط المتعددة لمكتبة قطر الوطنية، عضو مؤسسة قطر، التي ستفتح أبوابها أمام الجمهور العام المقبل. وسيكون الاطلاع على هذه الوثائق متاحاً للجميع عبر الموقع الإلكتروني لمكتبة قطر الوطنية. هذا وتلعب مكتبة قطر الوطنية دوراً هاماً في الشراكة مع المكتبة البريطانية، لتطوير الأرشيف الرقمي الأول في المنطقة. وتقول الدكتورة كلوديا لوكس، مدير مشروع مكتبة قطر الوطنية: "تكمن أهمية الشراكة مع المكتبة البريطانية في إتاحتها فرصة غير مسبوقة للعالم للاطلاع على التاريخ العريق لمنطقة الخليج، وانعكاس تلك الحقبة التاريخية على يومنا هذا. كما أن هذه الشراكة تمثل جزءاً مهماً من رؤية مكتبة قطر الوطنية، الهادفة إلى مد جسر معرفى بين تراث دولة قطر و مستقبلها". وأضافت الدكتورة لوكس: "سيتم لاحقاً توفير جميع الوثائق التي تمت رقمنتها عبر موقع مكتبة قطر الوطنية، لتكون في متناول الباحثين والطلاب ومختلف أفراد المجتمع". وجرت خلال هذا العام أيضاً، عمليات فرز وثائق يعود تاريخها لأكثر من 200 عام بالإضافة الى فهرستها ورقمنتها، حيث ستكون متاحة في أرشيف المكتبة البريطانية، بمعدل نحو 1500 صورة يومياً. وينخرط في عملية الرقمنة أكثر من 40 متخصصاً في مجموعة متنوعة من الاختصاصات، لضمان الحفاظ على سلامة هذه الوثائق التي لا تقدر بثمن. وتحرص كل من مؤسسة قطر والمكتبة البريطانية على توفير أفضل المصادر العلمية حول تاريخ منطقة الخليج على شبكة الإنترنت، من خلال إعادة إحياء وثائق تسلط الضوء على التطور التاريخي للمنطقة جغرافيا وسياسيا.

وبدءاً من العام المقبل، ستكون عشرات آلاف الوثائق الثمينة متاحة على شبكة الإنترنت مع وصف لها باللغتين الإنجليزية والعربية. كما سيشمل المحتوى المنشور مقالات علمية، تلقي الضوء على السياق التاريخي لهذه المواد الأرشيفية الهامة. وعند انتهائه، سيقدم المشروع للجمهور فكرة وافية عن تاريخ منطقة الشرق الأوسط والخليج، وفهم أعمق لعلاقة المنطقة التاريخية مع بريطانيا وغيرها من دول العالم.