– تشكل المهارات والميول التي يكتسبها الطفل منذ نعومة أظفاره ملامح شخصيته ومسار حياته عندما يصير شابًا يافعًا ثم رجلاً ناضجًا. فلا عجب أن الأطفال يستحقون كل الفرص الممكنة التي تساعدهم على اكتشاف مواهبهم وتحقيق ذاتهم.
ليس هناك جهة مهيأة للنهوض بهذه المهمة الكبيرة على خير وجه مثل مكتبة قطر الوطنية التي تحتوي على أكثر من 150 ألف كتاب للأطفال واليافعين وتوفر لهم الأجواء الملائمة التي تكسبهم المهارات والعادات التي تمكنهم من المساهمة في مجتمعاتهم بهمة ونشاط، وتزودهم بأسلحة المعرفة ما يعينهم على مواجهة متطلبات الحياة.
تُوفر المكتبة الوطنية البيئة المثالية للأطفال وعائلاتهم للتعلم خارج نطاق حدود الفصل الدراسي، وفي مكتبة الأطفال الزاخرة بكل أنواع الكتب بوسع الأطفال استكشاف اهتماماتهم والتعرف على مواهبهم الجديدة. تقول مرام آل محمود، القائم بأعمال مدير مكتبة الأطفال واليافعين: "للقراءة مع الأطفال تأثير إيجابي على تطور شخصياتهم وتوسيع مداركهم ووعيهم. فالمكتبة مكانٌ رائع للآباء وعلاقتهم بالأبناء والدخول في عالمهم الصغير وزيادة مساحة التواصل بينهم لتقريب الأفكار في إطار اجتماعي وتثقيفي".
لحسن الحظ، تُسهِّل المكتبة على أولياء الأمور جعل الكتب والتعلم جزءًا أصيلًا من حياة أطفالهم وجعل القراءة عادة يومية لهم. فبإمكان أعضاء المكتبة الاطلاع على أكثر من 100 ألف كتاب مطبوع للأطفال بالعديد من اللغات المختلفة واستعارتها لقراءتها في المنزل، بالإضافة إلى العديد من المصادر الإلكترونية للأطفال التي تحتوي على آلاف الكتب الإلكترونية والمجلات الرقمية والأدوات والمواقع باللغة العربية.
ومع توفر العديد من الاختيارات المتاحة، تنظم المكتبة العديد من الفعاليات والورش لمساعدة أولياء الأمور على خوض عالم التعلم المبكر. وتضمنت الورش الماضية نصائح لكيفية سرد القصص والحكايات وأفضل ممارسات القراءة للأطفال، وورش حول كيفية اختيار الكتب المناسبة للقراء الصغار.
تضيف مرام آل محمود: "لدينا العديد من أنواع الكتب والمواد التي تزيد بمرور الوقت وحسب الطلب، وقد جعلنا أولويتنا تلبية احتياجات الأطفال. ولدينا كتب كرتونية وكتب مصورة للأطفال الصغار الذين يخطون خطواتهم الأولى في عالم القراءة، والعديد من المواد المتقدمة للأطفال الذين أجادوا مهارة القراءة لتثقيفهم بالمعلومات حول كل شيء حولهم ابتداءً من المشاهير في التاريخ حتى العلوم والرياضيات".
بالطبع تتخذ عملية التعلم صورًا مختلفة، فهي لا تقتصر على الكتب فقط، فمكتبة الأطفال بها العديد من أجهزة الكمبيوتر والحاسبات اللوحية المجهزة بأحدث برامج التعلم، بالإضافة إلى الدمى والألعاب التقليدية ومستلزمات المهارات الفنية والأعمال اليدوية.
تكمل مرام آل محمود بقولها: "يتمتع الأطفال بمرونة فائقة في تعلم الأفكار الجديدة واستيعابها. ونبحث باستمرار عن طرق جديدة لتلبية احتياجاتهم التعليمية سواءً باستخدام الوسائل الجديدة أو التقليدية. وجميع هذه المصادر موجودة لتشجيع الأطفال على مواصلة التعلم المستقل، كما يحرص فريقنا من أخصائيي كتب الأطفال على تشجيع الاستكشاف والتعبير كوسيلة ومنهج للحياة".
أفراد المجتمع من الكبار والبالغين أقبلوا أيضًا على استخدام مصادر المكتبة بنهم وشغف، فقد استعارت عائلات الأطفال أكثر من مليون كتاب، نصفها من كتب الأطفال، وكانت فعاليات الأطفال هي الأكثر إقبالًا وحضورًا. ولا تتناول هذه الفعاليات مهارات التعلم المبكر فقط، بل تشمل كذلك ورش العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والفنون والحرف، والجلسات التفاعلية حول تاريخ قطر وثقافتها. كما توفر الجولات التعريفية للمدارس وسيلة أخرى للصغار لاستكشاف المكتبة ومعرفة ما تقدمه لهم.
تقول رشا غانم، وهي أم لطفلين: "مكتبة الأطفال مذهلة حقًا، ففيها كل ما يتمناه المرء من كتب لأطفاله، وأنا حقًا سعيدة لأن هذه الكتب متاحة للجميع للاستعارة. أتمنى أن يهتم أطفالي بالكتب، وأريد أن تكون القراءة عادة لهم عندما يكبرون. إننا نأتي للمكتبة عدة مرات أسبوعيًا، وسنواصل زيارتها خاصة في عطلات نهاية الأسبوع".
لا تقتصر جهود أخصائيي مكتبة الأطفال على تعليم الأطفال داخل جدران المكتبة بل تمتد لتشمل المجتمع التعليمي، إذ يدعم فريق المكتبة أمناء المكتبات في جميع أنحاء قطر، وقد نظمت المكتبة دورات تدريبية لأكثر من 70 أمين مكتبة في المدارس القطرية لمساعدتهم على تطوير خدمات المكتبة في مدارسهم وتوفير أجواء تحفز الطلاب والتلاميذ على القراءة وتشجعهم على التعلم.
تقول مرام آل محمود: "نعمل جاهدين لجعل التعلم عملية ممتعة من خلال تقديم فعاليات جذابة للصغار وأسرهم، كما لا ندخر وسعًا لنجعل من المكتبة المكان الذي يتذكره الأطفال يومًا مقترنًا بالسعادة والبهجة، ويقولون عنه إنه المكان الذي نشأوا في رحابه".