أبو علم الروبوتات

بقلم: ريتشارد هاريس، محرر المحتوى الإنجليزي
ترجمة: أبو الحجاج محمد بشير، محرر المحتوى العربي
Al Jazri's clock at QNL

 

غالبًا ما يوصف المخترع الإيطالي ليوناردو دافنشي بأنه واحد من أعظم المفكرين والمهندسين والمخترعين في كل العصور، ولكن قبل 300 عام من ولادته ظهر رجل نازعه على هذه المكانة، ألا وهو العالم الموسوعي والمخترع والمهندس وعالم الرياضيات المسلم بَدِيعُ الزَّمَانِ أَبُو اَلْعِزِّ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ الرَّزَّازِ الجَزَرِيّ المعروف بالجَزَرِيّ.

وُلِد الجَزَرِيُّ في المنطقة الشمالية من بلاد ما بين النهرين، بالقرب من حدود تركيا وسوريا والعراق في العصر الحديث، في عام 1136م/530 هـ، واختلف في أصله وهل هو عربي أم فارسي أم كردي.

عمل الجزري كبيرًا للمهندسين في قصر أرتوكلو، الذي كان مقر حكم ديار بكر من بني أرتق، وهناك صمم واخترع مئات الآلات والأدوات الفريدة مثل روبوتات كانت تسلم المناشف للضيوف، وكؤوس تغني حتى يفرغ محتواها، وآلات ترفع المياه، ونوافير، وفرقة موسيقية آلية يمكن "برمجتها" لعزف ألحان مختلفة، والعديد من الساعات المبتكرة. وهناك نسخة طبق الأصل من إحدى هذه الساعات تحتفظ بها مكتبة قطر الوطنية في مكتبتها التراثية إلى جانب مخطوطات يرجع تاريخها إلى عام 1660 من كتابه الشهير " «اَلْجَامِع بَيْنَ اَلْعَلَمِ وَالْعَمَلِ اَلنَّافِعِ فِي صِنَاعَةِ اَلْحِيَلِ» الذي كتبه وهو في السبعين من عمره في عام 1206م/602 هـ، وهو العام الذي يرجح أنه توفي فيه.

نسخة الساعة في مجموعة مكتبة قطر الوطنية هي ساعة شمعية وهي تختلف عن كل الساعات التي نستخدمها في الوقت الحالي. 

الصورة أعلاه تُظهر صندوقًا به صقر على الجانب الأيسر وكاتب يحمل قلم رصاص يجلس أعلى الصندوق. الأنبوب النحاسي الطويل هو المكان الذي توضع فيه الشمعة وتحته عمود من الكرات. عندما تحترق الشمعة ويخف وزنها، ترفع إحدى الثقالات الكرات والشمعة أيضًا، بحيث يظل لهب الشمعة مستقرًا. عندما تُرفع الكرات، تسقط إحداها في تجويف في مؤخرة رأس الصقر وتخرج من خلال منقاره. في الوقت نفسه، تُحرّك الثقالة والبكرة قلم الكاتب، وتسقط الكرة من منقار الصقر بعد تحرك رأس القلم بمقدار 15 درجة، بما يشير إلى مرور ساعة واحدة. وعلى مدار 24 ساعة، يكون القلم قد قطع دائرة كاملة بمقدار 360 درجة ثم يبدأ رحلته مرة أخرى.

المخطوطات المعروضة في المكتبة منقولة من كتاب (الْجَامِع بَيْنَ اَلْعَلَمِ وَالْعَمَلِ اَلنَّافِعِ فِي صِنَاعَةِ اَلْحِيَلِ)، وهو دليل شامل لاختراعات الجزري من الأجهزة والأدوات الميكانيكية والآلية، وهو أول كتاب يحتوي على إرشادات تفصيلية تشمل أدق التفاصيل حول تصميم وتصنيع الآلات التي ابتكرها، وقد تضمن الكتاب خمسين منها. من الناحية النظرية، يستطيع المهندسون الذين يأتون بعد الجزري استخدام التعليمات لصنع نسخ خاصة بهم من هذه الاختراعات. ومنها ساعة الشمعة وأشهر أعماله وهي ساعة فيل ضخمة تعمل الماء، وبها طائر يغني على رأس كل ساعة وسائق يضرب رأس الفيل. لا عجب إذن في تسمية الجزري الآن باسم "أبو الروبوتات"!

لمشاهدة نسخة المكتبة من ساعة الشمعة التي صممها الجزري، ما عليك سوى زيارة المكتبة التراثية في مبنى مكتبة قطر الوطنية طوال ساعات العمل وهي من السبت إلى الخميس: من الساعة 8:00 صباحًا إلى 8:00 مساءً، ويوم الجمعة: من الساعة 4:00 مساءً إلى 8:00 مساءً.

يستطيع أعضاء المكتبة هنا تنزيل نسخة إلكترونية من كتاب (الْجَامِع بَيْنَ اَلْعَلَمِ وَالْعَمَلِ اَلنَّافِعِ فِي صِنَاعَةِ اَلْحِيَل) الذي تُرجم إلى اللغة الإنجليزية ويتضمن تفسيرات وشروحات تفصيلية. للحصول على عضوية المكتبة المجانية، اضغط على صفحة العضوية في موقع مكتبة قطر الوطنية.

 

إضافة تعليق جديد