عالم الحيوان في العصر الذهبي للإسلام

بقلم: ريتشارد هاريس، محرر المحتوى الإنجليزي
ترجمة: أبو الحجاج محمد بشير، محرر المحتوى العربي
image of animals from Qazweeni's book

ساد الاعتقاد في العصور القديمة أن العالم محكوم بأربعة عناصر هي النار والماء والأرض والهواء، لكن العصر الذهبي للإسلام شهد بروز نهج علمي جديد يتجاوز هذه النظرة التقليدية ويقوم على الاستكشاف بناءً على أصول وقواعد علمية. 

ازدهرت العلوم الطبيعية في ظل الحضارة الإسلامية؛ إذ شرع العلماء المسلمون في إجراء التجارب وتصنيف العالم الطبيعي بشكل منهجي. وساهم في ذلك انتشار صناعة الورق التي تعلمها المسلمون من الصينيين الأمر الذي أدى إلى تسهيل انتقال المعرفة وتعزيز سُبُل التعلم.

عكف العلماء المسلمون على ترجمة نصوص العالم القديم، لا سيما من اليونان وروما إلى اللغة العربية، بعد أن نسي الغرب هذه النصوص، وشكّلت هذه النصوص الأساس لبناء معارف جديدة. هذه النهضة العلمية قامت وازدهرت بفضل تعاليم الإسلام؛ ففي الحديث الشريف يروي أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له طريقًا إلى الجنة." (رواه مسلم)

حظيت علوم الطب والفلك باهتمام العلماء المسلمين الأوائل، وتحتفظ مكتبة قطر الوطنية بالعديد من المخطوطات من العصر الذهبي للإسلام في هذه المجالات، وقد استكشف العلماء المسلمون مجالات وموضوعات أخرى أيضًا مثل علم الحيوان وغيرها من العلوم الطبيعية.

تحتفظ المكتبة التراثية في مكتبة قطر الوطنية بمخطوطتين عن عالم الحيوان أقدمهما كتاب "حياة الحيوان" الذي كُتِب في القاهرة في عصر المماليك في عام 1452م. هذا الكتاب من تأليف كمال الدين الدميري (حوالي 1341 – 1405 م)، وهو خياط مصري تحول إلى عالم. تحتوي هذه المخطوطة، المتاحة بثلاث نسخ: صغرى وكبرى ومتوسطة، على وصف دقيق لأكثر من 1,050 نوعًا من الحيوانات، معظمها من الثدييات والطيور ومُرتبة ترتيبًا أبجديًا. وتفخر مكتبة قطر الوطنية باقتناء نسختين كاملتين من النسخة الكبرى، إحداهما نسخة فاخرة من هذا المخطوط المملوكي.

بعض الحيوانات تكرر ذكرها في أقسام مختلفة بسبب ترادف أسمائها أو اختلاف أسماء الحيوان الصغير والكبير منها، وتتفاوت الأقسام في الطول؛ أطولها قسم الأسد الذي يصل إلى 11 صفحة. ومن اللافت للنظر أن الأقسام لا تقتصر على وصف الحيوان فحسب، بل تتناول مكانته في الإسلام، ومواطن ذكره في القرآن والسنة النبوية، وإمكانية استخدامه في الطب أو أكله وفقًا للشريعة الإسلامية.

المخطوط الثاني المتعلق بالعالم الطبيعي في مجموعة مكتبتنا التراثية هي "عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" من تأليف زكريا بن محمد القزويني، الذي يقال إنه ولد في إيران الحالية وهو من أصل عربي. هذا العمل المزدان برسوم جميلة يمزج بين الحقائق العلمية وعالم الغيب والأساطير، إذ يصف مخلوقات من العالم السماوي وحيوانات أسطورية مثل العنقاء والحصان وحيد القرن، بالإضافة إلى الأشجار والنباتات ومجموعة متنوعة من الحيوانات مثل الأفيال والأسود والغزلان. كما يتناول القزويني أصول وأنواع الرياح، والأرض نفسها، والناس الذين يعيشون عليها.

كتابا القزويني والدميري معروضان في مكتبتنا التراثية، ومتاحان للقراءة بالكامل عبر المستودع الرقمي لمكتبة قطر الوطنية. وهناك نسخ أخرى من هذين الكتابين من مقتنيات مجموعة المكتبة البريطانية متاحة للاطلاع عبر مكتبة قطر الرقمية. للاطلاع على كتاب القزويني، اضغط هنا، وللاطلاع على كتاب الدميري، اضغط هنا

 

إضافة تعليق جديد