التمر بين المكانة الدينية والفوائد الصحية

بقلم: أبو الحجاج محمد بشير، محرر المحتوى العربي
Ramadan Dates

 

مبارك عليكم شهر رمضان الكريم! يقبل علينا شهر رمضان المبارك بنفحاته وبركاته، فأكرم به من زائر كريم نحسن استقباله بحسن الصيام والعمل الصالح والاجتهاد في العبادة وتلاوة القرآن وقيام الليل.

يُقبل علينا شهر رمضان بسحائب الخير والمغفرة والرحمة، وفيه يحل التمر ضيفًا عزيزًا مكرمًا على موائد المسلمين كافة في جميع أقطار الأرض، وكيف لا والإفطار به من السنن النبوية المتواترة عبر مئات السنين.

لم تحظ أشجار النخيل والتمر في دين من الأديان أو ثقافة من الثقافات بما حظيت به في الإسلام من أهمية روحية ومنزلة رفيعة محاطة بهالة من التوقير والاحترام. فقد ذُكرت شجرة النخل عدة مرات في القرآن الكريم ضمن نعم الله العظيمة على عباده، وكيف لا وهي واحدة من أهم الأشجار والنباتات التي خلقها الله لتمد الإنسان بالغذاء فهي سهلة المنال والقطف (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ) [الأنعام: 6] وهي فاكهة لذيذة الطعم (فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) [الرحمن: 55]. ولا تكتمل الحدائق والجنان إلا بالنخيل والأعناب، فلا تكاد تذكر الحدائق في القرآن الكريم حتى يذكر معها النخيل، فهو لصيق بها ومكون أساسي من مكوناتها: (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ) [الأنعام: 141]، وقال تعالى (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ) [البقرة: 266]، وقال جل جلاله: (جَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ) [يس - 4]. ووصف القرآن التمر الذي هو رزق للعباد بأنه متراكم بعضه فوق بعض: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ) [ق: 50]، وأشار القرآن أيضًا إلى المذاق الحلو للتمر في قوله تعالى: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا) [النحل: 67]

تناول التمر في الإفطار بعد صيام ساعات طويلة جاء بتوجيه نبوي شريف فقد روي عن سلمان بن عامر الضبي الصحابي، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏

"‏إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور‏"‏ ‏(رواه أبو داود، والترمذي وقال‏:‏ حديث حسن صحيح‏‏)

كما روى سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال:

"مَن تَصَبَّحَ كُلَّ يَومٍ سَبْعَ تَمَراتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ في ذلكَ اليَومِ سُمٌّ ولا سِحْرٌ."

 

كيف نفهم وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بتناول التمر في الصباح وعند الإفطار في ضوء ما يقوله العلم عن فوائد التمر الصحية؟

أثبت العلم أن التمر يحتوي على سكريات طبيعية بسيطة سهلة الهضم والامتصاص وتمد الجسم بالطاقة مباشرة فور تناوله، ويحمي من الاضطرابات المعوية.فالتمر من الأطعمة الغنية بالقيمة الغذائية، لاحتوائها على عدد كبير من الفيتامينات والعناصر الأساسية للحفاظ على الصحة، فهو يعزز صحة الجهاز الهضمي والعصبي وصحة القلب، ويعالج فقر الدم، ويزود الجسم بالطاقة، وهو مضاد للالتهابات ويساعد في ضبط ضغط الدم ومفيد لمرضى السكري ولصحة العظام وصحة الأطفال.

ويحتوي التمر على كمية عالية من الكربوهيدرات والسعرات الحرارية والفيتامينات والبروتينات والمعادن الأساسية، فكيلو واحد من التمر يمد الجسم بما يصل إلى 3000 سعرة حرارية. وهو مفيد للرشاقة وخسارة الوزن ولهذا تدرج العديد من حميات تنزيل الوزن التمر في أنظمتها الغذائية، فعند تناول التمر الغني بالسكريات البسيطة يتم تحفيز الشعور بامتلاء المعدة والشبع، وبالتالي الامتناع عن تناول كميات أكبر من الطعام.

وفي ضوء هذه الفوائد الصحية، نفهم أيضًا أهمية التمر للسيدة بعد الولادة، وقد جاء في سورة مريم:

(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا) [مريم: 24 - 26]

وفقًا لموقع WebMD يحتوي التمر على مضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا، وعلى الكثير من الألياف الغذائية التي تسهل حركة الأمعاء ويخفف الإمساك وعلى مكملات الحديد التي تقي من الأنيميا والبوتاسيوم وفيتامين ب وحمض الفوليك.

ونحن في القرن الحادي والعشرين أثبت العلم أن تناول التمر خلال الحمل أو أثناء الولادة له فوائد صحيحة عديدة للحوامل. وفي عام 2013 أثبتت دراسة على 200 حامل أن تناول التمر يساعد على مرونة عنق الرحم أثناء المخاض، وبينت دراسة أخرى أن الحوامل اللائي يتناولن 6 تمرات في اليوم لمدة 4 أسابيع قبل موعد ولادتهن ممرن بمخاض أقصر وكان عنق الرحم أكثر ليونة قبل الولادة، كما تبين أن تناول التمر في أواخر الحمل يقلل من الحاجة إلى الأوكسيتوسين، وهو الدواء المستخدم لبدء أو تسريع المخاض.

أوصى الرسول الكريم بأن يكون التمر من الأقوات المتاحة في البيت، ففي الحديث الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"يا عائِشَةُ، بَيْتٌ لا تَمْرَ فيه جِياعٌ أهْلُهُ، يا عائِشَةُ، بَيْتٌ لا تَمْرَ فيه جِياعٌ أهْلُهُ -أوْ جاعَ أهْلُهُ- قالَها مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثًا. (رواه مسلم)

فالتمر وجبة جاهزة سريعة يستطيع المرء تناولها في أي وقت ليسد بها جوعه وتعطيه طاقة سريعة دون أي أضرار. ورغم أن بعض العلماء قالوا إن هذه الوصية تفهم في ضوء أن التمر كان القوت الأساسي للناس في المدينة المنورة، لكن في ضوء آيات القرآن الكريم التي ذكرت التمر والنخيل والرطب والأحاديث النبوية الشريفة التي توصي بتناول التمر في السحور وفي الإفطار وفي الصباح يتبين لنا أن التمر وجبة صحية أساسية لا يجب أن يخلو منها أي بيت.

تحتوي المكتبة على العديد من المصادر والكتب حول التمر وشهر رمضان عمومًا.

كتب عن التمر والنخيل

للأطفال واليافعين

للكبار

كتب إلكترونية

أطلقت المكتبة تطبيقها للهواتف الذكية والأجهزة النقالة (متوفر على آب ستور و جوجل بلاي)، تستطيع من خلاله استعارة الكتب وقراءتها وكذلك تصفح الصحف والمجلات والدوريات الإلكترونية والاستماع إلى الكتب المسموعة. 

 

إضافة تعليق جديد