تذكارٌ من الحج

بقلم: ريتشارد هاريس، محرر المحتوى باللغة الإنجليزية
ترجمة: نبيل الغربي، محرر المحتوى باللغة العربية
Hajj certificate

لقد مرّ حوالي مليوني حاج للتو بأهم الرحلات الروحية في حياتهم، بعد زيارتهم للبقاع المقدسة وإكمال مناسك الحج.

إنها تجربة ستبقى راسخة في أذهانهم، وسيروونها بكل فخر لأفراد عائلاتهم وأصدقائهم، والأكيد أنهم سيوثقونها من خلال الصور الفوتوغرافية والصور التي سيلتقطونها أثناء وجودهم هناك.

وبطبيعة الحال، فإن هذه الرغبة في الحصول على تذكارات من هذه الرحلة المهمة ليست بظاهرة اجتماعية جديدة، فأينما سافر الناس يهتمون بأخذ تذكارات تذكّرهم برحلاتهم. وعلى مرّ مئات السنين، تجذّرت ممارسة توثيق الرحلة المقدسة إلى مكة المكرّمة والحصول على تذكار مادي لرحلة الحج، ونشأت تقاليد خاصة بحصول ضيوف الرحمن على شهادات مكتوبة على الورق أو الرق وأحيانًا على قطعة من القماش منذ القرن الخامس الهجري (الحادي عشر ميلادي). وفي كثيرٍ من الأحيان، يسعى الحجاج لتوثيق تجاربهم وتخليد اللحظات المهمة التي يعيشونها، والاحتفاظ بسجلات ملموسة لرحلتهم الروحية بحصولهم على شهادات الحج، ويدلّ وجود هذه الشهادات عبر التاريخ على أهمية وقداسة هذا الركن الإسلامي بالنسبة للمسلمين.

تضم مكتبتنا التراثية شهادة حج يعود تاريخها إلى عام 1690م، وهي معروضة للجمهور في قسم "الرحلة المقدسة" بالمعرض الدائم في المكتبة التراثية، وتشهد الوثيقة على زيارة مالكها للعديد من الأماكن المقدسة وتفيد بأنه كان صانع قبعات من مدينة مشهد في إيران.

وفي أوائل القرن العشرين، اتخذت هذه التذكارات الثمينة شكل مطبوعات ملونة، وكان أشهرها تلك التي تحتوي على صورة مركبة تجمع بين الأماكن المقدسة الثلاثة في مكة والمدينة والقدس. وبإضافة مقتطفات نصية صغيرة يكتسب تصميم الشهادة المزيد من العمق والمعنى، وغالبًا ما يستخدم الفنانون صورًا فوتوغرافية ليصنعوا منها مطبوعاتهم، مما يضفي شعورًا بثلاثية الأبعاد لعملهم.

وقد كان لتزايد الإقبال على هذه الشهادات، التي تمتلك مكتبة قطر الوطنية مجموعة منها، تأثيرٌ ملموسٌ، وهو ازدهار دور النشر التي تنتجها، خاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والقاهرة، مما يشير إلى الاستخدام المتزايد للشهادات كسلعة تجارية تذكارية في القرن العشرين.

وغالبًا ما تضمّنت التصميمات صورًا للمساجد والمشاعر المقدسة، بل واحتوت أيضًا على إشارات إلى المسلمين الأوائل، خاصة الخلفاء الراشدون الأربعة، والأحداث المهمة في التاريخ الإسلامي. وتهدف هذه العناصر المصورة إلى تقديم مشهد عام حول مناسك الحج والتاريخ الديني والثقافي، وإثراء التجربة الروحية والمعرفية للمسلمين. وبمرور السنين، فقدت هذه الشهادات قيمتها كتذكار، وغالبًا ما كانت تعلّق على جدران المساجد والمنازل والمدارس الدينية كتذكير مرئي بالأماكن المقدسة في الإسلام.

وبينما يغادر ضيوف الرحمن من جميع أنحاء العالم مكة المكرمة بعد أدائهم مناسك الحج وخوض هذه التجربة الروحية الرائعة، سيأخذ معظمهم هدايا تذكارية لأهم رحلة في حياتهم، ولكن هل يمكن لصورة ذاتية (سيلفي) أن تضاهي الجمال الفني والبعد التاريخي والثقافي لشهادات الحج المصنوعة بالطباعة الحجرية في القرن العشرين؟

للاطلاع على شهادة الحج التي يعود تاريخها إلى عام 1690م، ومجموعة أخرى من الشهادات والمواد التراثية المتعلقة بالحج، ما عليك سوى زيارة المكتبة خلال ساعات العمل.

ولقراءة المزيد عن الحج والاطلاع على بعض نماذج شهادات الحج في مجموعتنا، يُرجى زيارة معرض "الكعبة المشرفة" المتوفر عبر موقعنا الإلكتروني من خلال هذا الرابط.

 

إضافة تعليق جديد